» » سمية رمضان تكتب : هل أتاك حديث الكراهية؟

سمية رمضان تكتب : هل أتاك حديث الكراهية؟

Written By Unknown on الأحد | 30.6.13


عندما يطل عليك وجه وديع مبتسم يزيد من مظاهر ورعه وطهره لحية بيضاء ناصعة وثوب أبيض نظيف وبسيط وصوت هادئ مطمئن، يصعب أن نتخيل مثل هذا الرجل يلقى بحديث يحرض على آخرين أو يتسم بالكراهية لآخرين. فنقف من باب الفضول للتعرف على أسباب تلك الفجوة بين المظهر ونوعية الخطاب بالذات لو كان هادئا لشعورنا أن شيئا ما لا يستقيم. فمن المؤكد أن الشيخ الوديع المبتسم يرى نفسه على الهيئة التى يصدرها للناس: وديع، ورع، بسيط وطيب، قلبه خاشع ولسانه لا يحض إلا على فعل الخير.
 لكن ما يصل لأسماعنا عندما ننصت هو كراهية آخرين فى موقف مسكنة وضعف. متى إذن يشعر المرء رغم سطوته وقدرته والأعداد الوفيرة من البشر ممن يشاركونه الإيمان المبدئى برؤيته للعالم بأنه مهدد؟ ويلزمه «الدفاع» عن كيانه ذاته، بل وربما البدء بالعدوان الاستباقى حتى لا يجد نفسه والمبادئ التى تذكى وجوده فى خبر «كان» من جراء مجرد «وجود» آخرين؟ وما علاقة انعدام الثقة فى الذات بسلوكيات لفظية أو فعلية كتلك التى تؤدى فى النهاية إلى جرائم تصل حد القتل وتتجاوز القتل إلى الإمعان فيه كالتمثيل بالجثة أو تقطيعها أو تعليقها كالذبيحة بعد سحلها؟
تحدثنا عن أدبيات علم النفس تحت بند «الكراهية» بأنها شعور يمثل أنواعا من العواطف المتصلة بالشعور بالذنب وكذلك الشعور «بالفخر» لكنها تستقى من كليهما أفكارا هدامة، أى أن الكراهية فى حد ذاتها بوصفها شعورا إنسانيا نذوقه جميعا فى أوقات متباينة تدلنا على مدى ارتقاء وجدان من يعانى منها وقد تشير إلى مدى سموه الروحى!
لو كان لى وجدان مثقف نابع من تفكير مبنى على أصول منطقية وعلمية وكنت فى ذات الوقت حريصة على الارتقاء بروحى وهو الشىء المفترض أن الرياضات الروحية والتزام الدينى يوفره لمن يمارسونه فإن كل هذا فى حد ذااته لا يقنى الشعور بالكراهية إلا أنه بالقطع يجعل مظاهر كراهيتى مختلفة تماما عن آخر لم يثقف وجدانه ولم يسع للارتقاء بروحه. قد أكره الظلم مثلا أو الفقر أو انعدام تكافؤ الفرص لكن الحلول التى توفرها لى ثقافتى ورياضاتى الروحية تلهمنى العمل من أجل إزاحة تلك الشرور على نحو عام يشمل كل من يطاله مثل هذا الشر دون اعتبارات أخرى.
لكن لو كنت على غير ثقة لأنى لم أعقد كينونتى على أسس موضوعية شاملة تعتمد مبادئ الدين (أى دين على الإطلاق لأن دين الله واحد) تتسبب عدم الثقة تلك فى انحدارى الروحى والوجدانى إلى منزلقات الشخصى الملموس فلا أكره الفقر لكنى قد أكره الثرى أو على الطرف الآخر من المعادلة قد أكره الفقير. وبالتالى لا أكره الظلم لكن أكره ظالما بعينه أستطيع تسميته، وكذلك قد لا أكره الجهل لكنى أكره جاهلا بذاته وأعرف له اسما. المسالة إذن لا علاقة لها بمدى قوتى أو ضعفى كما أنها لا تتصل من قريب أو بعيد بعزوتى وناسى.
 وليس لها علاقة كذلك بتهديد من أى نوع. المسألة وما فيها هى الفارق بين وجدان تسامى من خلال تربية العقل وحس بالثقة فى الذات نبع من قدرة على التساؤل الحر وبالتالى التوصل إلى إجابات أصيلة وثقافة تتسع مع الوقت لأنها تستقى معينها من شتى المصادر وعقل يعمل فى استقلال حتى وهو ينعم بحماية جماعة ما. المسألة تكمن فى المسافة بين ما يقول المرء وما يفعل أى بين العقل والجنون!

المقــال الاصلي





شارك الموضوع :

إرسال تعليق

اضف الى اضافتى Top Social Bookmarking Websites

كلوديا نزلت الاتحادية هيدي كلوم عارية بكاميرا والدتها صديق جيا شجعها علي الانتحار ! ميس حمدان في انتظار ابن الحلال سلمي تتعامل مع الشيخوخة بهدوء

الأكثر قراءة

للاشتراك في خدمة RSS Feed لمتابعة جديدنا اضغط هنا,او للاشتراك في خدمتنا البريدية
 
Support : Creating Website | Johny Template | Mas Template
copyright © 2013. التيار - All Rights Reserved
Template Created by IBaseSolutions Published by Ibasethemes
Proudly powered by Ibasethemes