» » زياد العليمي يكتب : روح مصر وضميرها

زياد العليمي يكتب : روح مصر وضميرها

Written By Unknown on الجمعة | 14.6.13

رغم محاولات أسرية منذ الصغر داخل عائلتى لربطنا بالفنون والتردد على الحفلات والمعارض الفنية المختلفة، كان هناك دائماً حائل نفسى يفصل بينى وبين حفلات فن الباليه!.. قد يكون الحائل نفسه الذى يفصلنى عن حفلات المسرح الكبير بدار الأوبرا، من بوابات تشعرك بالفصل عن العالم الخارجى، أو مهابة المسرح الكبير الفخم، أو القواعد الصارمة فى ضرورة ارتداء ملابس رسميه تشعرنى بالتكلف الذى لا يتناسب مع بساطة وتلقائية الفنون، أو حتى أزياء الباليه التى أشعر دائماً باغتراب معها، على العكس من حفلات الفنون الشعبية التى تقام عادة بالمسرح القومى، ببساطته، وأزيائه القريبة إلى تكويننا النفسى.
إلا أننى أشهد بأن علاقتى بهذا الفن تغيرت عندما ذهبت للتضامن مع المثقفين المصريين فى اعتصامهم بوزارة الثقافة، بل انقلب شعورى به 180 درجة، حيث قدمت فرقة باليه الأوبرا، بقيادة شباب فى مثل سننا، عرض «زوربا»، ورغم أننى شاهدت العرض من قبل، فإننى شعرت به أقرب إلى قلبى للمرة الأولى، وربما يرجع ذلك لقربى من الفنانين الذين قدموا عرضهم بالشارع، على بعد أقل من ثلاثة أمتار من أبعد مشاهد، أو لأنه أول عرض أحضره دون مظاهر متكلفة فى مكان العرض ولباس المشاهدين.
دفعنى ذلك للتفكير فى أن ما يفعله الإخوان من محاولات محو الهوية الثقافية والفنية لمصر، وترسيخ الإحساس بانفصال المثقفين والفنانين عن بقية أبناء الشعب، مستغلين فى ذلك سنوات طويلة من تجهيل، مورس بشكل منظم ضد شعبنا، يمكن استغلاله لإعادة الاعتبار للفنون المختلفة وربط المواطنين بها.
والحقيقة أن الثورة لا يمكن أن تنجح دون إحداث تغيير جذرى عميق فى ثقافة المجتمع. وربما يظن كثيرون أن الدور الأهم فى إحداث تلك التغييرات يقع على عاتق الساسة، لكننى من المؤمنين بأن الساسة يحاولون مخاطبة عقول الجماهير وإقناعهم بأفكارهم، بينما تخاطب الفنون وجدان الناس، وهذا هو التغيير الأكثر استدامة والأعمق تأثيراً.
واليوم، يخوض المثقفون المصريون ـ ضمير الأمة وروحها ـ معركة شرسة للحفاظ على الهوية المصرية، ولا يمكنهم الانتصار فى هذه المعركة إلا بنشر إبداعاتهم بين الناس. ولا يمكن للثورة أن تنتصر دون أن يشعر المواطن البسيط بأن تذوق الفنون والشعور بمواطن الجمال فيها ليسا حكراً على مجموعة من الصفوة أو النخب، فالفن حق، وحياة، وحلم، لا يمكن أن يكون لفئة دون غيرها.
ولاشك أنه آن أوان نقل معركة الحلم والأمل والتذوق من المبانى والقاعات إلى شوارع وحوارى المدن، وقرى ومراكز الأقاليم. ويمكن الاستفادة من تجارب فرق فنية كثيرة قدمت مسرح الشارع، على غرار فرقة «حالة» المسرحية التى بدأت فى تقديم عروضها فى الشوارع والأحياء الشعبية منذ ما يقترب من ثمانى سنوات. وهو حلم لا ينفصل عن تجارب التغيير المختلفة التى شهدها شعبنا، فكشك الموسيقى الذى أنشأه المصريون فى بلدة مصرية خرجت على سلطة المحتل البريطانى، وأعلنت نفسها جمهورية زفتى المستقلة، وقصور الثقافة التى انتشرت فى ربوع مصر، ونشرت الثقافة والفنون المختلفة على أيدى مجموعة كبيرة من مثقفى وفنانى وطننا، تجارب يجب أن نبنى عليها لنستكمل نضالاً بدأه آباؤنا وأجدادنا، لنشر الثقافة فى مواجهة قوى الظلام والتجهيل.


المقال الاصلي
شارك الموضوع :

إرسال تعليق

اضف الى اضافتى Top Social Bookmarking Websites

كلوديا نزلت الاتحادية هيدي كلوم عارية بكاميرا والدتها صديق جيا شجعها علي الانتحار ! ميس حمدان في انتظار ابن الحلال سلمي تتعامل مع الشيخوخة بهدوء

الأكثر قراءة

للاشتراك في خدمة RSS Feed لمتابعة جديدنا اضغط هنا,او للاشتراك في خدمتنا البريدية
 
Support : Creating Website | Johny Template | Mas Template
copyright © 2013. التيار - All Rights Reserved
Template Created by IBaseSolutions Published by Ibasethemes
Proudly powered by Ibasethemes