تجاوز سائق التاكسى «أول فتحة شمال» فكانت النتيجة أن استمر فى السير لمسافة طويلة بحثًا عن فَتحة جديدة، فى هذه المسافة مررت بعدة شوادر شعبية لبيع البلح ومكسرات رمضان على كورنيش شبرا، اكتشفت أننى نسيت تماما أن رمضان على الأبواب، ساعتى الذهنية أساسًا تعطلت بعد أن بدأت قناة «الحياة» فى إذاعة إعلانات مسلسلات رمضان منذ ثلاثة أشهر، وما زلت أتابع هذه الإعلانات حتى اليوم بالشعور نفسه الذى استقبلتها به أول مرة «ليه بدرى يا جماعة على رمضان»، أضف إلى ذلك المخمضة الذهنية التى أرهقنا بها النظام، والانشغال بمصيرنا بعد 30 يونيو، وغير ذلك من التشتيت الذى أنسى الواحد ترقبه لهذا الشهر، هذا النسيان الذى تبدد بناء على خطأ غير مقصود من سائق التاكسى يجعل الواحد مدين بالشكر لإدارة مرور العاصمة التى تجعل المسافة بين فتحة وفتحة على الكورنيش فرصة للواحد لكى يعيد حساباته كلها.
رمضان جانا إذن، وأخشى أن تكون أنت أيضا يا صديقى واقعا مثلى فى دائرة النسيان، فوجب علىَّ أن أذكِّرك.
أذكِّرك بأنك فى مثل هذا الوقت من كل عام كنت تقوم بإعداد شنط رمضان لتوزيعها على المحتاجين، فلا تجعلهم يدفعون ثمنا لانشغالنا عنهم بالسياسة، مش هنبقى إحنا والنظام والمعارضة عليهم، أذكِّرك بأنه حان الوقت لزيارة شوادر البلح وتجار الجملة لإعداد الحقيبة المثالية التى ينتظرها منك مَن عوَّدتهم عليها، إياك والشنط الجاهزة فى المحلات الكبيرة فبثمن واحدة منها تستطيع أن تصنع اثنتين بخلاف أنها تفرض عليك أنواعا معينة، غالبا لا أحد يشتريها طوال العام وحان الوقت للتخلص منها.
حاول قدر الإمكان أن تهتم بالجودة كأنك تشترى هذه الأشياء لأهل بيتك، فلتكن شنطة رمضان مناسبة للدلع.. إيه المشكلة؟ واحرص على أن تكون الأشياء متناسقة، فلا تضع فى الحقيبة أكياس الفاصوليا دون أن تضع مكعبات مرقة الدجاج لطهيها، ولا تضع أكياس الفول المدمس دون كيس عدس أصفر لا غنى عنه فى عملية التدميس، ولا تمنع أهل بيتك من السمن الصناعى ثم ترازى به أناسا آخرين.
اجعل الشنطة مناسبة للفرح والمفاجآت، لا مانع من قليل من الجنون، علبة بخور فى الشنطة مش هتقول لأ، حلة طهى جديدة بلون مش هتقول لأ، كيس تسالى مشكل من المقلة (لب سوبر واخواته) مش هتقول لأ، لا تنسى أكياس البهارات بالمناسبة، وفى كل الأحوال لا تنسَ أن تضع فى الشنطة كيس ملح، أعرف أنه رخيص ولا يحتاج إلى أحد أن يتبرع به، لكن كيس الملح هو رسالة مَحبة لرب الأسرة تقول إنك تعاملت مع احتياجاته باهتمام «حتى الملح مانسيهوش».
المقــال الاصــلي
إرسال تعليق