» » جهاد الزين يسأل: لماذا ينتحر "الإخوان المسلمون" المصريّون ؟

جهاد الزين يسأل: لماذا ينتحر "الإخوان المسلمون" المصريّون ؟

Written By Unknown on الجمعة | 12.7.13


العام الذي قضاه "الإخوان المسلمون" المصريون في السلطة – رئاسة محمد مرسي- لن يكون عاما استثنائيا في وجودهم الممتد ثمانية عقود وحوالي نصف العقد، فحسب، بل سيكون عاما يعادل كلّ تاريخِهم. كأنما هذا التاريخُ، تاريخُهم، من حيث كثافتُهُ السياسيُّة هو "نِصْفان": نِصْفٌ من 83 عاما في المعارضة ونصفٌ يوازيها من عامٍ واحدٍ في السلطة.
الحساب ليس بالعدد، بل بكثافة التجربة السياسيّة. فالانطباع العميق الذي أعطته فترة تولّي أحدهم (محمد مرسي) رئاسة مصر لدى قطاعات واسعة من النخبة المصرية هو عدم صلاحيّتهم القطعية للحكم إن من حيث الخامة القيادية أو من حيث العجز عن تمثيل فعلي للشخصية المصرية الجامعة. ولم يخدِمْهُمْ بذلك أنهم الحزب السياسي والأيديولوجي الأكبر بين الأحزاب. فهذا التفوق التنظيمي شيء وتمثيل الشخصية الجامعة الوطنية شيء آخر.
دعوني هنا أفتح هلالين تفرضُهما طبيعة الموضوع: فرغم نجاح أخصامِ "الإخوان" في حشد هذا العدد الهائل من المتظاهرين مما يعني تحقيقَ هؤلاء الأخصامِ أخيرا امتداداً شعبيا واسعا جدا لهم، فإني لا أزال أعتقد أن جوهر الصراع في مصر بعد ثورة 25 يناير هو بين كتلة شعبية كبيرة يمثّلها "الإخوان" وبين نخبة سياسية وثقافية واجتماعية تشمل خليطاً من الليبراليين والعلمانيين والقوميين واليساريين بمن فيهم المثقفون والفنانون ذوو التكوين المهني-الشخصي العلماني ومعظمهم ذوو ثقافة دينية طبيعية. نجحت النخبة أخيرا في استنفار أكثرية شعبية ضد "الإخوان"... مدعومة بالجيش. ولكنها نخبة في الأساس.
هذا العام الرئاسي "الإخواني" أظهر أن أخصامهم أكثر تمثيلا للشخصية المصرية رغم الطّيْف "الإخواني" الواسع والمتجذّر. فهذه مسألة لا تُحسب بالعدد السياسي فقط.
هذا المستوى هو أحد المستويات الأكثر أهمية - وربما غير المنظورة تماما- في الصراع بين "الإخوان" وأخصامهم. والآن بعيدا عن ساحات الصراع لا نعلم إذا كانت قيادات "الإخوان" قد أخذت بعض الوقت للتفكير في هذا الانهيار الدراماتيكي السريع لتجربتها في الحكم من حيث أسبابه الموضوعية (في تكوين مصر) و الذاتية (في تكوين "الإخوان") بعيدا عن الجانب المؤامراتي الموجود في أي صراع سياسي ولا سيّما في ديموقراطية قلقة عائدة بعد غياب أكثر من ستّين عاما.
أعلنت قيادة "الإخوان" بعد 25 يناير 2011 أنه لن يكون لها مرشّح لرئاسة الجمهورية ثم فعلت عكس ذلك وبعد نجاح مرسي رفضت تشكيل حكومة ائتلافية ثم قام الرئيس مرسي بوضع "الإعلان الدستوري" الذي يمنحه صلاحيات ديكتاتورية فعلا بحجة أن القضاء يتآمر عليه ووردت في "الإعلان" المادة الثانية التي حتى الآن لم أستطع- مثل كثيرين- أن أفهم كيف يفكّر –مجرّد تفكير- أيُّ عاقل في السلطة بعد الثورة بوضعها وهي تعطي قرارات الرئيس سلطة مطلقة ولا تسمح بأي مراجعة لها! وتراجَعَ "مكتبُ الإرشاد" تحت الضغط النخبوي السياسي والشعبي عن "الإعلان" ثم جاءت تعييناتُ المحافظين الفضائحية انحطاط المستوى و عدم الأهلية لا سيما حالة الشخص الذي عُيِّن محافظا لدرة تاج السياحة المصرية بل العالمية أي "الأُقصُر" وهو كان عضوا في تنظيم مسلّح قتل سُوّاحاً في "الأُقصُر" نفسها! في هذا الوقت لم يفهم الرئيس مرسي معنى "الرسائل" التي وجّهها إليه المثقّفون والفنّانون في لقاءاته معهم.
على أن أهم وأخطر ما فعله "الإخوان" هو السياسة الطائفية ضد الأقباط وكان موقعهم مكشوفا وسيّئا في إدارة هذا الشأن. كان ذلك تعبيرا عن عجزهم العميق في السلطة.
ردّ فعل "الإخوان" على التظاهرات التي واجهَتْهُم، ثم خاتمة العزل العسكري، كان عنيفا وبدا في التهديدات التي يوجّهونها و في تحريضِهم الواضح على الشغَبِ الأمني وكأنّهم ينتحرون في لحظة إحساس ذاتي بالقوة وضَعَتْهُمْ وقد تضعهم أكثر ضد المزاج السلمي للمجتمع المصري حتى لو كانت لديهم جماهيرُهم بل لأن لديهم جماهيرَهم التي انزلقوا بها ضد الحساسية السلمية المصرية.
لن تنخرط مصر في الحرب الأهلية ولكن قد ينتحر "الإخوان" إذا راهنوا على ذلك. فهل يستدركون ويقبلون قواعد اللعبة الجديدة لإعادة رسم موقعهم فيها بدل الاصطدام بها كلّها؟
الآن أحد مظاهر تخطّي مرحلة "الإخوان" هو انتقال النقاش الكبير إلى بحث "الإعلان الدستوري" الجديد الذي أصدره الرئيس الانتقالي والذي يبدو أن الرغبة باستقطاب "السلفيين" أعطته جرعة دينية خطرة جدا كما عبّر عن ذلك اعتراضُ حركة "تمرّد" الشبابية عليه. حتى ليمكن وصف الإعلان الدستوري الجديد بأنه "أخونة بدون إخوان". لكن هذا حديثٌ آخر.

المقــال الاصــلي
شارك الموضوع :

إرسال تعليق

اضف الى اضافتى Top Social Bookmarking Websites

كلوديا نزلت الاتحادية هيدي كلوم عارية بكاميرا والدتها صديق جيا شجعها علي الانتحار ! ميس حمدان في انتظار ابن الحلال سلمي تتعامل مع الشيخوخة بهدوء

الأكثر قراءة

للاشتراك في خدمة RSS Feed لمتابعة جديدنا اضغط هنا,او للاشتراك في خدمتنا البريدية
 
Support : Creating Website | Johny Template | Mas Template
copyright © 2013. التيار - All Rights Reserved
Template Created by IBaseSolutions Published by Ibasethemes
Proudly powered by Ibasethemes