إذا كانت مفوضة الشؤون الخارجية فى أوربا السيدة كاترين آشتون قد جاءت للقاهرة لمزيد من قراءة الواقع المصرى الذى تعرف أهميته لأوروبا والعالم.. فعلينا جميعا أن نساعدها فى أن تكون قراءتها صحيحة!
وإذا كانت السيدة آشتون قادمة -كما تقول- للتعبير عن رغبة أوروبا فى مساعدة مصر على عبور الفترة الانتقالية، فإن خير ما تقدمه هو أن تقول لأصدقائها من «الإخوان» إن القصة قد انتهت، وإن عليهم أن يخضعوا لإرادة الشعب، وإن أوروبا لا تستطيع أن تغالط الحقيقة أكثر من ذلك!!
أما إذا كانت السيدة آشتون تريد أن تستمر فى ممارسة الضغوط من أجل خروج آمن لقيادات الجماعة، أو فى الترويج لتسويات على حساب إرادة الشعب، فالإجابة لا بد أن تكون الرفض الصريح لأى تدخل فى شؤوننا الداخلية.
نعرف أننا نعانى -حتى الآن- من تقصير فى التعامل مع الرأى العالمى، ونعلم أن وسائل الإعلام فى أوروبا وأمريكا تتعرض لتأثير الأموال الهائلة التى تنفق لدعم «الإخوان» كما تتعرض للضغوط السياسية من دوائر الحكم الغربية التى راهنت على حكم الإخوان لبناء استراتيجيتها فى المنطقة، ولا تريد حتى الآن أن تصدق أن شعب مصر العظيم قد أسقط هذا الرهان الخائب!!
نعرف ذلك، ولكننا نعرف أيضا أن الحقيقة ليست غائبة عن حكومات أوروبا ولا عن الإدارة الأمريكية.
ونعرف أنهم -منذ اللحظة الأولى- يدركون جيدا حقيقة الأوضاع فى مصر.. يدركون -أولا- أن خروج الملايين من شعب مصر لإسقاط حكم «الإخوان» كان انتصارا للثورة، وكان إنقاذا لمصر من الحرب الأهلية. ويدركون -ثانيا- أن ما تشهده مصر الآن هو حرب حقيقية ضد الإرهاب، يخوضها شعب مصر وجيشها وأجهزة أمنها فى مواجهة جماعات الإرهاب التى تنتشر من سيناء وحتى رابعة!!
تأتى آشتون هذه المرة وأمامها مشهد لا تخطئه العين.. شعب مصر بأكمله يخرج للشارع فى 26 يوليو فى وجه العنف والإرهاب، بينما -على الطرف الآخر- يضرب الإرهاب فى سيناء، ويخطط زعماء رابعة لإراقة دماء العشرات من الضحايا ليضمنوا لأنفسهم الخروج الآمن، أو ليستجدوا التدخل الأجنبى فى شؤون بلادهم!!
تأتى آشتون هذه المرة وقد بدأت الحقائق تنكشف والأسرار تذاع. وأظن أن آشتون تعرف جيدا حقيقة ما يدور فى سيناء، وأنها لم تكن تنتظر التقارير الخطيرة التى كشفت بعض ما جرى فى واقعة المنصة، وفى مقدمتها تقرير المخابرات الأمريكية، وكلها تؤكد أن المظاهرة السلمية!! هى التى بدأت الاعتداء على الشرطة باستخدام الأسلحة الآلية ونصف الآلية والخرطوش، بل والقنابل اليدوية التى انفجرت بعيدا لحسن الحظ وإلا تضاعف عدد الضحايا!!
من جانبنا.. نحن ندرك جيدا أننا نخوض حربا (لن تكون سهلة) ضد الإرهاب، ونثق فى أننا سننتصر -بإذن الله- فيها والسؤال الذى ينبغى أن تقدم السيدة آشتون إجابة صريحة له هو: أين أوروبا من هذه المعركة؟
نعرف أن حكومات أوروبية تورطت مع الإدارة الأمريكية فى دعم وصول الإخوان، وأنها تخشى من حساب شعوبها على هذا الدعم الذى صب فى مصلحة الإرهاب، وأنها أيضا تشعر بالخيبة بعد أن سقط رهانها (ورهان الإدارة الأمريكية) على الإخوان فى تنفيذ مخططاتها للمنطقة.. لكن هذا كله لا يبرر أى موقف يتردد فى مساندة شعب مصر وهو يخوض معركته ضد الإرهاب.. أو يقف -فى الحقيقة- ضد شعب مصر حين يحاول أن يخترع لنا «إرهابا شرعيا» ويحاول جاهدا أن يعيد له الحياة بعد أن أسقطه الشعب فى 30 يونيو حين أنهى حكم الإخوان الفاشى.
كل المطلوب من السيدة آشتون أن تدرك أنه فى الصراع بين شعب مصر وجيشه من ناحية، وبين عصابات الإرهاب من ناحية أخرى، لم تعد توجد مساحة للمناورات.. أو الوساطة!!
المقــال الاصــلي
إرسال تعليق