كانت الندوة مشتعلة بحماس جمهورها الكثيف الذى جاء معبرا عن معظم طرق التفكير السياسى السائدة حاليا، فى ما عدا فكر الإخوان، لم يكن هناك مهرب من الحديث عن 30 يونيو، وعلى مدى ساعتين كنا نتفق ونختلف دون أن يخل هذا بروح الود التى سيطرت على الجلسة.
أما الخلاف فقد كان بخصوص أمور سطحية، أيهما أفضل الاتحادية أم ميدان التحرير؟، هل تعتقد أن الجيش سوف يتدخل لحسم الأمور؟، هل تقبل بوجود العسكر فى الحكم (وقد كانت نسبتا الرافضين والمؤيدين متساوية، الرافضون لديهم خبرة سيئة مع وجود العسكر فى الحكم أضاعوا فيها البلد بخلاف أن دم قتلى الجيش لم يجف بعد، والمويدون يرون أن الأمور لن تستقيم إلا بالقوة ولا أحد يمتلكها فى مصر حاليا سوى الجيش).
أما الاتفاق فقد كان على المحاور التالية:
حتمية الخروج فى 30 يونيو لإنقاذ وطن يتأرجح فوق حافة الهاوية، 30 يونيو ليس نهاية المطاف، لكنه بداية جديدة من الوارد أن تتكرر كثيرا حتى تستقر الأمور بشكل مُرضٍ للجميع، والرضا لن يتحقق إلا بأن تقوم دولة لا تعبر عن فصيل بعينه أيا كان.
نحن لم نتعلم شيئا من أخطاء ثورة يناير، بدليل أننا لا نمتلك رؤية واضحة ومحددة سلفا لما يمكن أن يحدث فى حال نجاح يوم 30 يونيو، كما أننا لا نمتلك ما يضمن أن نكون كتلة واحدة قوية بعد هذا اليوم، فالتشتت موجود وكذلك الدعوة إلى التمييز بين هوية المشاركين فى هذا اليوم قائمة، وما شابه ذلك من أمور قد يترتب عليها أن يكون القادم أسوأ من محمد مرسى وجماعته.
فى حال وصول الأمور إلى فكرة مجلس رئاسى مدنى لفترة انتقالية، فلا يجب اختيار أعضائه على أساس «واحد يمثل الإخوان» و«واحد يمثل السلفيين» و«واحد يمثل الليبراليين» إلى آخره، وأن التفكير فى مصير البلد بهذه الطريقة هو تجديد لأزمتها وبلورة مهلكة لفكرة الانقسام والتمييز، وأنه فى حال الوصول لهذه الفكرة لا بد أن يتم التشكيل باختيار أعضاء لا يعبرون عن أية انتماءات سياسية، ولكن عن الكفاءة والوطنية والقائمة طويلة.
لن نجامل أحدا اخترناه أو انتخبناه على حساب البلد، فلم يعد لدينا أصنام نتعبد حولها، ومن يُسئ القيادة فعليه أن يتحمل منّا كل ما يشبه 30 يونيو أيا كانت درجة اقتناعنا به وقت أن انتخبناه، وأن منح فرصة لحاكم جديد قد تدور فى فلك الظروف الاقتصادية من غلاء أو ندرة مواد أساسية إلخ، لكن لن يحصل على الفرصة من يدمر البنية الاجتماعية والثقافية لهذا الشعب وينحاز إلى فصيل على حساب آخر، أو يكون محاطا بعصابة تحت مستوى الشبهات الوطنية أو يسهم فى إهدار هيبة وكرامة الوطن، أو لا يحترم القانون أو كذاب لا يفى بوعوده أو يبدو طول الوقت كأيقونة عصره فى السذاجة والركاكة.
لا مجال للعنف، كما أنه لا مجال للحديث عن انتهاك الشرعية إزاء تحرك شعبى يطالب بانتخابات رئاسية مبكرة، أى أنه يجدد الدعوة للصناديق التى يقدسها اليمين السياسى، هذا يوم الكلمة فيه للشعب وحده الذى يراهن النظام دائما على وعيه وذكائه، فعلى النظام أن يقبل الرهان، ونحن كذلك.
المقال الاصلي
إرسال تعليق