لو كانت السيدة رابعة العدوية تعيش بيننا الآن ورأت تلك الحشود -التى تسمى نفسها إسلامية- تحيط بالمسجد الذى يحمل اسمها فى حى مدينة نصر، واستمعت إلى أصواتهم وما يدعونه كذباً على الإسلام، وباسمه، هل كانت سترى أنه الدين الذى اختارته وتركت دنيا المعاصى من أجله، أم كانت ستراه ديناً آخر بعيداً عن المحبة والسماحة والرحمة التى حملها نبى الرحمة سيدنا محمد (عليه أفضل الصلوات والسلام)؟!
حتماً كانت ستسأل سيدتى رابعة العدوية: من هؤلاء؟ ولماذا وجوههم عابسة، عيونهم يطل منها الشر، أصواتهم كالرعد؟ لماذا يصفون نبينا الكريم بأنه نبى عنف لا يعرف إلا السيف ولا يحصل على رزقه إلا بنصل الرمح؟
هل يقصدون نبياً آخر بعد سيد الخلق؟
من هؤلاء الكفار الذين اجتمعوا من أجلهم من كل صوب؟ هل الكفار عادوا؟ وهل يريدون احتلال بلادهم، لذا يقولون إنهم سيرشونهم بالدم حتى لو رشوا رئيسهم بالماء؟ وهل كفار هذا الزمان بتلك الرقة؟ ومن هذا الرئيس الذى احتشدوا وقرروا إعلان الحرب وعمل مليونيات من أجله؟
حتماً رئيس صالح، يحكم بين الناس بالعدل، لا يبيت فى عهده إنسان جائع، لا يفرق بين محكوميه، يعيش بين الناس فلا يختبئ فى حماية حراسه، عدل فآمن فنام، رئيس يطبق شرع الله على أهله وعشيرته مثل باقى الرعية. ولكن تتساءل السيدة رابعة: إذا كان هذا الحاكم الذى احتشدوا من أجله هكذا فلماذا لا أرى إلا بضعة من ألوف، أليس تعدادكم ٩٠ مليوناً؟ أين باقى الشعب، لماذا لم يشارك فى حماية الرجل والبلاد فى مواجهة الكفار الغازين؟
لا أعرف ماذا كانت ستقول السيدة رابعة لو عرفت أن الكفار المقصودين هم أهل مصر، المهدرة دماؤهم لأنهم أعلنوا على الملأ خروجهم فى يوم محدد فى تجمع سلمى ليقولوا لهذا الرئيس ارحل واقبل بانتخابات رئاسية مبكرة لأنك خنت العهد ولم تلتزم بما وعدت؛ ففى عهدك ضاع الأمان، جلس الشباب فى الطرقات بلا عمل، اغتصبت النساء وخطف الرجال، فى عام واحد من حكمك ازداد الفقراء والأغنياء فقراً، وهرب أهل البلاد منها قبل الغرباء، وتقطعت علاقات مصر مع جيرانها، فأصبحنا يتامى منبوذين.
مصر الكبيرة يا ستنا رابعة أصبحت حبيسة فى شقة فى المقطم، نهارها مثل ليلها قابض موحش، الخوف يسكن قلبها، الحزن يسكن قلبها، والكره يسكن قلب سجانها.
القاتل فى زمن الإخوان -يا رابعة- سجان، والشيخ لا يحفظ شيئاً من القرآن، والحاكم مرجعه المرشد، والمرشد يبحث عن ربان، والشاطر فيهم خيبان، أما «المتغطى» بتلك الجماعة فهو عريان عريان.
أقول لك يا رابعة لا تندمى ولا تقلقى، فالدين هنا، والمحبة هنا، ونبى الرحمة هنا، والشعب الحر الحى هنا، لن يخاف الكاذبين ولا المنافقين ولا المكفرين ولا القتلة المجاهرين، وسيخرج يوم ٣٠ ليحرر مصر من أسرها، يعيد إليها نورها وأمنها وفرحها، ويومها سآتى إليك يا رابعة لأصلى ركعتين فى رحابك، ولأطهر مع هذا الشعب الأبى أعتابك!
المقــال الاصــلي
إرسال تعليق