وقد انطلقت الحركة من قناعة صائبة بأن الأخطار التى تتهدد البلاد الآن ليست ناتجة، كما يتصور البعض، عن صراع بين اتجاهين سياسيين أو أيديولوجيتين متعارضتين، فالصراع الحقيقى ليس سياسياً ولا حتى عقائدياً، وإنما هو صراع من أجل الحفاظ على دعائم الجمهورية الحديثة القائمة على الشرعية الشعبية والمواطنة ودولة المؤسسات والديمقراطية وتداول السلطة والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.
تلك هى أسس المجتمع الحديث التى يراد الآن هدمها لصالح تنظيم دولى يقوم على حلم إمبراطورى من مخلفات قرون مضت تنهار فيه أعمدة البناء الجمهورى الحديث، ويسود الاستبداد.
من هنا، يصبح لزاماً على كل من يؤمن بأن مستقبل مصر لا يتحقق إلا من خلال الدولة المدنية الحديثة ـ أن يدرك أن عليه الدفاع عن الجمهورية ذاتها بمختلف مبادئها ومؤسساتها، التى إذا تهاوت تراجعنا إلى عصور الظلام فى القرون الوسطى، حيث السلطة المركزية التى تقوم على السمع والطاعة، ولا تعترف بالوطنية ولا بالديمقراطية ولا باستقلال مؤسسات الدولة.
لقد نجحت «حركة الدفاع عن الجمهورية» بعقول شخصياتها المرموقة فى أن تضع يدها على بيت الداء، وأن تنبه إلى أن التهجم على القضاء مثلاً أو الصحافة أو الإعلام أو الثقافة هو فى حقيقة الأمر محاولة ممنهجة للقضاء على دعائم الجمهورية الحديثة كى يسود الفكر الغيبى الشمولى الذى يتخطى حدود الوطن ليخضع أمة بأسرها لحكم مستبد لا يستمد شرعيته من إرادة الجماهير وإنما مما يدعى أنه تكليف غيبى.
إنها معركة الفكر السياسى الحديث ضد عقيدة الحق الإلهى للملوك التى كانت سائدة فى القرون الوسطى تحت اسم The Divine Right of Kings.
من هنا، فإن «حركة الدفاع عن الجمهورية» تعلو فوق كل الخلافات الحزبية والأيديولوجية والعقائدية، وهى بذلك أول حركة موحدة لجميع فصائل المقاومة الوطنية التى نراها الآن متفرقة ما بين يمين ويسار وشباب وكبار وأحزاب ومستقلين، وقد نص بيانها التأسيسى على أنها ليست مقصورة فى عضويتها على شخصياتها المائة المؤسسة، وإنما هى مفتوحة لجميع أبناء هذا الشعب الذين يتطلعون إلى المستقبل المشرق الذى يستحقه هذا البلد الذى كان أول من أرسى دعائم الدولة فى التاريخ الإنسانى.
المــقال الاصلي
إرسال تعليق