هم هكذا دائماً.. يخادعون، فيصعدون، فينقلبون على الحلفاء والأصدقاء، فيعاديهم الجميع، فيستعلون، فيرفضونهم، فيستكبرون، فيسقطون، ويعانون ثم يمارسون العنف فينكسرون وإلى أمد طويل جداً يختفون.
ولعل من حق الجميع أن يسأل لماذا هم هكذا دوما يصعدون أو بتعبيرهم يتفيأون ويستعلون على الجميع ثم ينحدرون فيهزمون؟ ولعل من حقى أن اجتهد فى الإجابة.
مشكلتهم أو كارثتهم تكمن فى ثلاث مسلمات. وكلمة مسلمات هنا مقصودة بذاتها فكل عبارات الإمام الشهيد المرشد الأول حسن البنا هى مسلمات واجبة الاتباع. ولعلها ليست مصادفة أنه طوال عهد الأستاذ البنا بالجماعة أى منذ 1928 وحتى 1948 أى طوال عشرين عاما لم يتجاسر أحد من كبار أعضاء الجماعة أو صغارها أن يكتب كتابا أو يقدم إبداعاً فكرياً أو رؤية فقهية أو شرعية فذلك كله ظل قاصرا وحصريا للأستاذ البنا. وذلك مقصود، فلا مجال لتعدد الآراء حتى ولو تقاربت كى لا تزوغ أبصار الأتباع عن ضوء الإيمان الآتى وفقط من المرشد. وللحقيقة كان هناك ديوان شعر ركيك لصهر البنا الأستاذ عبد الحكيم عابدين عنوانه «البواكير» ولكن لم يلتفت إليه أحد.
والآن ما هى المسلمات الثلاث؟
■ المخادعة وتأتى مغلفة كالعادة بغلاف يشبه الفقه فتكون «لعبة المصالح المشتركة مع الطاغوت» والطاغوت عند الإخوان ليس مجرد الشيطان وإنما هو الآخر كل الآخر وأى آخر بما فى ذلك أخلص الحلفاء والأصدقاء.. وتجرى مخادعتهم بهدف تحقيق الكسب المنشود ثم يجرى الانقضاض عليهم.
وكل مرة يفعلونها مع الملك فاروق ثم إسماعيل صدقى ثم النقراشى ثم عبد الناصر (1954) ثم عبد الناصر (1965) ثم السادات، ثم المجلس العسكرى (2011).. ثم (2012) وفى كل مرة يفشلون لكنهم يفسرون كل انتكاساتهم بأنهم لم يأخذوا بالأسباب ولأن الأمر كله امتحان من الله. ولا يدركون أبداً أن مخادعة الحلفاء لا تلبث أن تنكشف.. فالحليف قد يخدع مرة وثانية ولكن التكرار يعلمه ويكون افتضاحهم وتحول الحليف إلى خصم.
■ محاولة احتكار الإسلام وتأتى عبر كلمات حاسمة صارمة فالبنا أصدر برنامجا (منهاجا) وأعلنه فى المؤتمر الثالث للجماعة وقال «هذا المنهاج كله من الإسلام وكل نقص منه نقص من الإسلام ذاته» وبهذا فإن كل نقد لمنهاجهم أو أفعالهم هو نقد للإسلام ذاته أو بالدقة هو خروج على الإسلام.
■ أسلمة العنف.. ويكون العنف سبيلا منذ البداية لفرض الأهداف. ولابد كالعادة من تقديمه كحتمية وضرورة شرعية. ونقرأ ما كتبه الشيخ عبد الرحمن الساعاتى والد المرشد الأول «استعدوا يا جنود، وليعد كل منكم سلاحه، وامضوا إلى حيث تؤمرون، وصفوا لهذه الأمة الدواء واعكفوا على إعداده فى صيدليتكم ولتقم على إعطائه فرقة الإنقاذ منكم، فإذا الأمة أبت فأوثقوا يديها بالقيود وأثقلوا ظهرها بالحديد وجرعوها الدواء بالقوة، وإن وجدتم فى جسمها عضواً خبيثاً فاقطعوه أو سرطاناً خطيرا فأزيلوه، فكثير من أبناء هذا الشعب فى آذانهم وقر وفى عيونهم عمى» ( النذير- أول المحرم 1357 هـ).. والأمة أبت وكرهت فحقت عليها لعنة العنف. أما الأستاذ حسن البنا فقد أكد أن العنف ضرورة شرعية فيقول «وما كانت القوة إلا كالدواء المر الذى تحمل عليه الإنسانية العابثة المتهالكة حملا ليرد جماحها ويكسر جبروتها وطغيانها، وهكذا نظرية السيف فى الإسلام، فلم يكن السيف فى يد المسلم إلا كالمشرط فى يد الجراح لحسم الداء الاجتماعى ( النذير- رمضان 1357 هـ). ونلاحظ أن استخدام السيف عند البنا فريضة إسلامية وهى موجهة ضد الإنسانية كلها.. وما هذا كله بإسلام بل هو تأسلم مرير المذاق هو تماماً ما فعله بن لادن وطائفته.
وبهذا الثالوث البائس تعيش الجماعة لتنهض ثم تنحدر، لكن انحدارها هذه المرة سيقتادها هى ومثيلاتها من حركات التأسلم السياسى فى كل العالم إلى هاوية لن يستفيقوا منها.. إلا بعد عقود عدة. فهذه المرة أسقطهم شعب بأسره وكرههم شعب بأسرة. وأسقط حكما أساء الفعل وخان الوطن وليس مجرد جماعة.. وشعار يسقط حكم المرشد سيظل سائدا لعقود وفى عديد من البلدان.
المــقال الاصــلي
إرسال تعليق