» » مصر من نظام يعانق التطرف إلى دولة تحارب الإرهاب!

مصر من نظام يعانق التطرف إلى دولة تحارب الإرهاب!

Written By Unknown on الثلاثاء | 23.7.13


تعاني مصر اليوم من موجة إرهاب جديدة تضرب سيناء، كانت ملامحها تبدت مُذ سقط نظام حسني مبارك، ولم تتوقف طيلة عام من حكم الرئيس السابق محمد مرسي، إلا أنها شهدت طفرة كبيرة منذ سقوطه، ففي أسبوع واحد تلى بيان القوات المسلحة الذي عزله ووضع «خريطة طريق» لعملية سياسية بديلة، وقع 22 هجوماً إرهابياً، راح ضحيتها 12 من الجيش والشرطة، فضلاً عن ثلاثة أضعاف هذا العدد من الجرحى. وفي قلب ميدان «رابعة العدوية» في شرق القاهرة حيث يعتصم مؤيدو مرسي، تحدث القيادي «الإخواني» محمد البلتاجي عن أن ما يجري في سيناء يمكن أن يتوقف فور تراجع الجيش عن «الانقلاب على الشرعية». يعني ذلك صراحة أن الجماعة هي من يقف وراء تلك الموجة الإرهابية، التي لن تتوقف، وفق البلتاجي، إلا بإعادة عقارب الساعة إلى الوراء. سأتجاوز هنا عن حديث الشرعية ونقيضها، وعن جدل الانقلاب والثورة، وأتوقف فقط عند سؤال واقعي: هل كانت مصر خلواً من الإرهاب في ظل حكم «الإخوان»، قبل أن تقع فيه برحيلهم وعلى أيديهم؟ الإجابة لا، ففي الحالين كانت مصر تعاني الإرهاب، غير أنها كانت تعيش معه، تعانقه وتسايره، في ظل وجودهم. ثم صارت تواجهه وتتحداه بعد رحيلهم. لم تكن مصر آمنة ولا مستقرة في ظلهم، كانت مريضة بالإرهاب فعلاً ولكنها، لم تكتشف المرض بعد ولم تبدأ رحلة العلاج. الآن، بعد رحيلهم، اكتشفت مرضها، أجادت تشخيصه، وبدأت رحلة العلاج منه. في مرحلة وجودهم كان ثمة إنكار للمرض أدى إلى تعمية موقتة على أعراضه، وهي حال تضلل المريض (مصر)، فإذا ما استعاد صحوه وجد نفسه مشرفاً على الموت بعد أن نال منه المرض. وفي المرحلة التالية لرحيلهم هناك شعور واقعي بالمرض، وتعامل إيجابي مع المريض يؤدي إلى شفاء تدريجي منه، ولو بعد جهد كبير أو وقت وطويل.
في المرحلة الأولى كانت مصر دولة للإرهاب، يتمتع نظامها بعلاقة قوية مع أطرافه، خصوصاً السلفيين الجهاديين بأطيافهم المختلفة وامتداداتهم بين سيناء وغزة، كان يديرهم من بعيد كما تديرهم فلوله الآن، يشعر برابطة فكرية معهم، بتراث نضالي مشترك واجهوا فيه الدولة المصرية نفسها، والتي ظلوا يشعرون بالغربة إزاء تمدينها والاغتراب عن تدينها، في كل عصورها الملكية والجمهورية، بقدر أو بآخر، ويدلل على ما نذهب إليه هنا أمران:
الأول: هو تلك الرسائل التي وجهها الرئيس محمد مرسي بمجرد وصوله إلى السلطة، إلى المنتمين للجماعات الجهادية، عندما أخرج بعض منتسبيها من السجون بعفو رئاسي لمجرد أن من قام بسجنهم هو النظام السابق، وكأن الإرهاب محرم في عصر ونظام، وجائز في عصر ونظام آخرين، وهو السلوك الذي أثار مطامع هذه الجماعات وحفز غرائزها السياسية، وزاد جرأتها حتى في مواجهة الجيش. تلى ذلك تسامح أجهزة الدولة مع المتطرفين الذين أخذوا يجوبون الشوارع، فارضين إرادتهم على الناس بدعوى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، تحت مسمى شرطة بديلة، ما يعني سلب دور الدولة، وتأميم أدوار أجهزتها الأمنية لمصلحة المتطرفين، حتى بدت مصر في لحظة ما خاضــعة لثلاث دوائر عنكبوتية من الإسلام السياسي: أولاها في الحكم فعلاً، ممثلة في جماعة «الإخوان» ذاتها. وثانيتها السلفيون الجهاديون المتورطون في الإرهاب، خصوصاً في سيناء. أما الثالثة فتتمثل في خليط من السلفيين المنهمكين في السياسة من داخل أبنية شرعية، ومؤسسات حزبية، والموزعين بين اعتدال البعض كحزب «النور» وتشدد البعض الآخر إلى درجة حاول معها تقديم غطاء فكري لإرهاب سيناء من قلب القاهرة ومن داخل أحزاب شرعية ومؤسسات قائمة.
والثاني هو تلك الوقائع والملابسات التي وشت بتواطؤ النظام مع الإرهاب، خصوصاً تلك المتعلقة بوقائع اغتيال العسكريين الستة عشر قبل حوالى عام، واختطاف الجنود السبعة قبل حوالى شهر، واغتيال الضابط محمد أبو شقرة المعني بملف الخاطفين قبل شهر من تظاهرات 30 يونيو، وحادث مقتل الشيعيين الخمسة على أيدي سلفيين فيما مثل قتلاً على الهوية، وتمثــيلاً باسم المذهب، لم تشهده مصر من قبل، وكذلك دعـــوة الرئيــــس نفسه إلى الجهاد في سورية، متغافلاً عن دوره كرجل دولة، متناسياً تجربة الجهاد في أفغانستان وارتداداتها على مصر نفسها على رغم حرص الدولة آنذاك على عدم التورط فيها، حتى وصل الأمر إلى نقطة الذروة قبل 30 يونيو بأسبوع واحد عندما قرر الرئيس المعزول تعيين أحد الجهاديين المشتبه في ارتكابهم حادثة الأقصر والتي راح ضحيتها 58 سائحاً عام 1997م، محافظاً للمدينة نفسها، فلا يعدو أن يكون تحدياً سافراً لمشاعر الناس، وتواطؤاً مع الإرهاب.
هذه الوقائع وشت بأن نظام حكم الجماعة، غير جازم في مواجهة الإرهاب، بعد أن دخل في حالة عناق معه، وصار يشكل ثغرة في الإجماع ضده، ويا لها من ثغرة تقع في القلب من مؤسسات الدولة الأمنية والسيادية التي أخذت تعاني من حال انقسام سياسي، واستقطاب ثقافي كان يضربها، ليزيد صعوبة عملية الفرز بين العدو والصديق، كما كان يجعل للنصر والهزيمة تعريفات هشة وغامضة، تثير الشك والعجز وتستعصي على اليقين والحسم، وهنا تكمن المأساة الحقيقية، فالإجماع الوطني في مواجهة الإرهاب هو القاعدة الأساسية لأي حرب ظافرة معه، ومن دونه لا يكون للمعركة معه نهاية، لأنه لا معنى لها من الأصل.
مرحلة المواجهة
أما في المرحلة الثانية التي نعيشها الآن، فقد أصبحت مصر دولة تواجه الإرهاب ولا تتعايش معه، تتحداه بدلاً من الارتماء في أحضانه، تدرك أنها مريضة به ولكنها تقاوم مرضها، تعترف بها من دون أن تستسلم له، وتلك هي بداية الشفاء... قد تحدث عملية إرهابية كبيرة يهلل لها المتطرفون أياماً، وقد تتسع رقعة المواجهة لتمتد إلى بعض البؤر خارج سيناء وعندها ستنتعش أحلامهم، ويعلو صوتهم، وتتصاعد مطالبهم ظناً منهم بأن لحظة النصر على مصر قد حانت، وأن انحناء المصريين لهم قد اقترب... وقد تأتي لحظة يشعر فيها رجالنا البواسل في الجيش والشرطة بنوع من الإرهاق، أو تشعر الجبهة الداخلية الممتدة على مدد الشوف، من شرفاء الوطن ومحبيه، بدرجة من اليأس. غير أن تلك اللحظة نفسها ستشهد انجلاء الغمة، وانكسار المحنة، مع سطوع الهمة. ستنتصر مصر، على رغم وعورة المعركة في سيناء وفي غيرها من أرجاء، على ذلك الشر الذي طالما واجهها من قبل، لأنها تعرف أدواته ووسائله... مُذ استمعت لخطاب الرئيس المعزول العبثي مساء 26 حزيران (يونيو)، وأدركت بقرون استشعارها الظاهرة، وبحدس ضميرها الخفية، بأنها إزاء رجل فقد الإحساس بالواقع من حوله، وهو تناغم بدا فعلاً في أصعب أيام الثورة، وفي أعلى أوقات الاحتشاد حيث كانت السيطرة الأمنية داخل العمران المصري، والقاهرة في القلب منه، عالية جداً، والقدرة على ضبط الخارجين على القانون أكبر من الأيام العادية. لقد عادت أجهزة الدولة التي كان قد تم تعطيلها للعمل مثل قلب مريض كان توقف نتيجة الوهن، ثم عاد للعمل بعد استفاقة كبرى


 صلاح سالم .. جريدة الحياة اللندنية

شارك الموضوع :

إرسال تعليق

اضف الى اضافتى Top Social Bookmarking Websites

كلوديا نزلت الاتحادية هيدي كلوم عارية بكاميرا والدتها صديق جيا شجعها علي الانتحار ! ميس حمدان في انتظار ابن الحلال سلمي تتعامل مع الشيخوخة بهدوء

الأكثر قراءة

للاشتراك في خدمة RSS Feed لمتابعة جديدنا اضغط هنا,او للاشتراك في خدمتنا البريدية
 
Support : Creating Website | Johny Template | Mas Template
copyright © 2013. التيار - All Rights Reserved
Template Created by IBaseSolutions Published by Ibasethemes
Proudly powered by Ibasethemes