واشنطن - جويس كرم
في مقاربتها للوضع المصري، اتبعت إدارة باراك أوباما نهجاً براغماتياً فيه كثير من المرونة للتعامل مع خروج الرئيس السابق محمد مرسي من الحكم. وتتركز أعمدة هذه المقاربة على إبقاء علاقة استراتيجية مع الجيش، والتكيّف مع ردود فعل الشارع المصري، الأمر الذي دفع الإدارة إلى التحفظ في البداية على إقصاء مرسي ومن ثم الانتقال إلى اعتبار فترة حكمه «غير ديموقراطية» والتأقلم مع الواقع الجديد باستكمال برنامج المساعدات العسكرية إلى الجيش المصري.
ولعل قدرة الإدارة على التكيّف وإعادة تقويم موقفها على مدار الساعة، انعكس في اتصالات وزارة الدفاع (البنتاغون) بقيادة الجيش المصري، فمن التحذير من انقلاب فاضح نقله وزير الدفاع تشاك هايغل ورئيس هيئة الأركان مارتن ديمبسي إلى الفريق أول عبدالفتاح السيسي، إلى الاعلان يوم الأربعاء عن إرسال أربع طائرات جديدة من طراز «أف ١٦» إلى الجيش المصري (وفق اتفاق سابق)، أدار «البنتاغون» بوصلة الإدارة الأميركية حيال الأزمة. إذ جاءت إطاحة مرسي عشية عيد الاستقلال الأميركي ومع وجود كل من الرئيس أوباما ووزير الخارجية جون كيري ونائب الرئيس جوزيف بايدن في عطلة، مما خفّض من نسبة الأسئلة والضغوط الإعلامية على الإدارة وأبقى المسألة في عهدة الدفاع والاستخبارات.
وبعد يومين من إطاحة مرسي، حاولت واشنطن تخطيه بسرعة وجاء تأكيد ديمبسي لـ «سي. أن. أن» أن العلاقة مع الجيش المصري هي «أفضل مما كانت يوماً عليه»، فيما نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» تفاصيل متابعة واشنطن للأزمة. وأفادت الصحيفة أن الاتصالات الأخيرة من مسؤولين أميركيين بفريق مرسي هدفت إلى وضعه أمام الأمر الواقع بأن الخيارات هي إما في قبول حكومة توافقية وانتخابات مبكرة، أو أن الجيش سيتحرك. ونقلت الرسائل الأخيرة كل من مستشارة الأمن القومي سوزان رايس والسفيرة الأميركية في مصر آن باترسون. كما أفادت «نيويورك تايمز» أن أوباما وخلال دخوله اجتماعاً مع مستشار مرسي عصام حداد في البيت الأبيض قبل شهرين، طلب نقل رسالة إلى الرئيس المصري مفادها ضرورة الإسراع في تشكيل حكومة توافقية، كما عرض أوباما وساطته مع المعارضة المصرية. وقوبل هذا الخيار، كما يبدو، بالرفض من حكم مرسي، كما جاء خطاب مرسي الأخير قبل إقصائه ليخيّب أمل واشنطن ويترك الرهان الأخير على الجيش، وهو ما بدا واضحاً في بيان أوباما الموجّه أكثر إلى الجيش منه إلى مرسي.
وأعطت مرحلة ما بعد الإقصاء شعوراً بالارتياح لدى بعض المسؤولين الأميركيين مع تحرّك الجيش بسرعة لمباشرة المرحلة الانتقالية والتحضير لاستفتاء على التعديلات الدستورية ومن ثم إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية خلال ستة أشهر. وساهمت هذه الخطوات بتخفيف الضغط على الإدارة وتجنبها تبرير استمرار المساعدات العسكرية للجيش المصري والتي ينص القانون الفيديرالي على أن تتوقف في حال حصول انقلاب. غير أن البيت الأبيض لم يستخدم عبارة انقلاب، وكان هناك ترحيب من بعض نواب الكونغرس بإطاحة مرسي الذي لم تجمعه بالنخبة الأميركية علاقة جيدة. وانفرد السناتور جون ماكين (جمهوري) بالدعوة إلى تجميد المساعدات إلى حين المضي بالمرحلة الانتقالية، أي بمعنى آخر استخدام المساعدات التي تقدر ببليون ونصف بليون دولار في العام للضغط على الجيش للسير في مرحلة انتقالية تضمن أن يكون الحكم في يد المدنيين. وهكذا كان، إذ بعد إعلان فصول المرحلة الانتقالية، أكد «البنتاغون» استعداده لإرسال مزيد من الطائرات إلى الجيش المصري، فيما صعّدت الخارجية من انتقادتها لمرسي و «الإخوان»، مُدينة «التحريض» ومعتبرة أن الحكم «الإخواني» كان في العموم «غير ديموقراطي».
وتضع هذه العوامل الإدارة الأميركية على عتبة مرحلة جديدة في مصر ستسعى فيها إلى إنجاح المرحلة الانتقالية بالتنسيق مع الشركاء الإقليميين. وركّزت اتصالات أوباما بقيادات إقليمية في قطر والإمارات العربية المتحدة على هذا الأمر، وعلى الأرجح لحشد جهود الدوحة -التي تتميز بعلاقتها القوية بمرسي- في اتجاه دعم المرحلة الانتقالية وإقناع «الإخوان» بالمشاركة فيها. إذ إن الإدارة الأميركية، وعلى عكس مرحلة مرسي، تتطلع إلى إشراك جميع أطراف اللعبة السياسية في مصر في المرحلة الانتقالية بما في ذلك «الإخوان».
ويُتوقع أن تستمر واشنطن في انفتاحها على جميع اللاعبين لتفادي ردة فعل داخلية عكسية ضدها، وهي ستصب اهتمامها على مراقبة المرحلة الانتقالية والتخطي التدريجي لمرحلة مرسي من دون استبعاد أي طرف وللوصول إلى حكومة مدنية تتعامل مع التحديات الاقتصادية وتحفظ الاستقرار ومعاهدة كامب ديفيد المتصدرة لأولويات الأميركيين.
الموضوع الاصــلي
في مقاربتها للوضع المصري، اتبعت إدارة باراك أوباما نهجاً براغماتياً فيه كثير من المرونة للتعامل مع خروج الرئيس السابق محمد مرسي من الحكم. وتتركز أعمدة هذه المقاربة على إبقاء علاقة استراتيجية مع الجيش، والتكيّف مع ردود فعل الشارع المصري، الأمر الذي دفع الإدارة إلى التحفظ في البداية على إقصاء مرسي ومن ثم الانتقال إلى اعتبار فترة حكمه «غير ديموقراطية» والتأقلم مع الواقع الجديد باستكمال برنامج المساعدات العسكرية إلى الجيش المصري.
ولعل قدرة الإدارة على التكيّف وإعادة تقويم موقفها على مدار الساعة، انعكس في اتصالات وزارة الدفاع (البنتاغون) بقيادة الجيش المصري، فمن التحذير من انقلاب فاضح نقله وزير الدفاع تشاك هايغل ورئيس هيئة الأركان مارتن ديمبسي إلى الفريق أول عبدالفتاح السيسي، إلى الاعلان يوم الأربعاء عن إرسال أربع طائرات جديدة من طراز «أف ١٦» إلى الجيش المصري (وفق اتفاق سابق)، أدار «البنتاغون» بوصلة الإدارة الأميركية حيال الأزمة. إذ جاءت إطاحة مرسي عشية عيد الاستقلال الأميركي ومع وجود كل من الرئيس أوباما ووزير الخارجية جون كيري ونائب الرئيس جوزيف بايدن في عطلة، مما خفّض من نسبة الأسئلة والضغوط الإعلامية على الإدارة وأبقى المسألة في عهدة الدفاع والاستخبارات.
وبعد يومين من إطاحة مرسي، حاولت واشنطن تخطيه بسرعة وجاء تأكيد ديمبسي لـ «سي. أن. أن» أن العلاقة مع الجيش المصري هي «أفضل مما كانت يوماً عليه»، فيما نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» تفاصيل متابعة واشنطن للأزمة. وأفادت الصحيفة أن الاتصالات الأخيرة من مسؤولين أميركيين بفريق مرسي هدفت إلى وضعه أمام الأمر الواقع بأن الخيارات هي إما في قبول حكومة توافقية وانتخابات مبكرة، أو أن الجيش سيتحرك. ونقلت الرسائل الأخيرة كل من مستشارة الأمن القومي سوزان رايس والسفيرة الأميركية في مصر آن باترسون. كما أفادت «نيويورك تايمز» أن أوباما وخلال دخوله اجتماعاً مع مستشار مرسي عصام حداد في البيت الأبيض قبل شهرين، طلب نقل رسالة إلى الرئيس المصري مفادها ضرورة الإسراع في تشكيل حكومة توافقية، كما عرض أوباما وساطته مع المعارضة المصرية. وقوبل هذا الخيار، كما يبدو، بالرفض من حكم مرسي، كما جاء خطاب مرسي الأخير قبل إقصائه ليخيّب أمل واشنطن ويترك الرهان الأخير على الجيش، وهو ما بدا واضحاً في بيان أوباما الموجّه أكثر إلى الجيش منه إلى مرسي.
وأعطت مرحلة ما بعد الإقصاء شعوراً بالارتياح لدى بعض المسؤولين الأميركيين مع تحرّك الجيش بسرعة لمباشرة المرحلة الانتقالية والتحضير لاستفتاء على التعديلات الدستورية ومن ثم إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية خلال ستة أشهر. وساهمت هذه الخطوات بتخفيف الضغط على الإدارة وتجنبها تبرير استمرار المساعدات العسكرية للجيش المصري والتي ينص القانون الفيديرالي على أن تتوقف في حال حصول انقلاب. غير أن البيت الأبيض لم يستخدم عبارة انقلاب، وكان هناك ترحيب من بعض نواب الكونغرس بإطاحة مرسي الذي لم تجمعه بالنخبة الأميركية علاقة جيدة. وانفرد السناتور جون ماكين (جمهوري) بالدعوة إلى تجميد المساعدات إلى حين المضي بالمرحلة الانتقالية، أي بمعنى آخر استخدام المساعدات التي تقدر ببليون ونصف بليون دولار في العام للضغط على الجيش للسير في مرحلة انتقالية تضمن أن يكون الحكم في يد المدنيين. وهكذا كان، إذ بعد إعلان فصول المرحلة الانتقالية، أكد «البنتاغون» استعداده لإرسال مزيد من الطائرات إلى الجيش المصري، فيما صعّدت الخارجية من انتقادتها لمرسي و «الإخوان»، مُدينة «التحريض» ومعتبرة أن الحكم «الإخواني» كان في العموم «غير ديموقراطي».
وتضع هذه العوامل الإدارة الأميركية على عتبة مرحلة جديدة في مصر ستسعى فيها إلى إنجاح المرحلة الانتقالية بالتنسيق مع الشركاء الإقليميين. وركّزت اتصالات أوباما بقيادات إقليمية في قطر والإمارات العربية المتحدة على هذا الأمر، وعلى الأرجح لحشد جهود الدوحة -التي تتميز بعلاقتها القوية بمرسي- في اتجاه دعم المرحلة الانتقالية وإقناع «الإخوان» بالمشاركة فيها. إذ إن الإدارة الأميركية، وعلى عكس مرحلة مرسي، تتطلع إلى إشراك جميع أطراف اللعبة السياسية في مصر في المرحلة الانتقالية بما في ذلك «الإخوان».
ويُتوقع أن تستمر واشنطن في انفتاحها على جميع اللاعبين لتفادي ردة فعل داخلية عكسية ضدها، وهي ستصب اهتمامها على مراقبة المرحلة الانتقالية والتخطي التدريجي لمرحلة مرسي من دون استبعاد أي طرف وللوصول إلى حكومة مدنية تتعامل مع التحديات الاقتصادية وتحفظ الاستقرار ومعاهدة كامب ديفيد المتصدرة لأولويات الأميركيين.
الموضوع الاصــلي
إرسال تعليق