تثبت حركة المحافظين الأخيرة أن الإخوان ليس لديهم أدنى وعى بطبيعة العمل السياسى، وأنهم لم يتعلموا شيئًا طوال العام الماضى الذى قضوه فى الرئاسة، كما أن سنوات مشاركتهم فى الحياة السياسية من خلال عضويتهم بمجلسى الشعب والشورى، قبل وبعد الثورة، لم تفدهم بشىء. هل يعقل أنه قبل أيام من هبة الغضب التى ستنفجر فى وجه الإخوان يوم 30/6 أن يتم إصدار تلك الحركة التى تفتق ذهن من أصدرها، سواء كانت الرئاسة أو مكتب الإرشاد، عن اختيار الأسماء التى تزيد الغضب اشتعالاً؟!
لقد كان من نتيجة ذلك أن أعطى الإخوان للجماهير الغاضبة فى المحافظات الفرصة لتعبئة الرأى العام والنزول إلى الشارع استعداداً لأحداث يوم 30/6، وإذا كانت كل مباراة رياضية تحتاج «تسخين» قبل بداية المباراة، فإن المباراة السياسية تحتاج هى أيضاً إلى التسخين، وقد تكفلت حركة المحافظين بذلك، ولا شك أن حرارة الشارع بعد صدور الحركة وإعلان أسماء المحافظين أسخن بكثير مما كانت قبل ذلك.
ففى الأقصر، مازال المحافظ الجديد ـ وهو عضو الجماعة الإسلامية المسؤولة عن مذبحة السياح التى حدثت فى الأقصر ذاتها غير قادر على دخول مكتبه لمباشرة مهام منصبه بسبب حصار الجماهير التى أخذت تهتف «هو المرشد عايز إيه؟.. عايز الشعب يبوس رجليه.. لا يا مرشد مش حانبوس.. بكرة عليك بالجزمة ندوس!».
وفى المنوفية، حيث تم اختيار عضو الجماعة الذى كان مسؤولاً عن «الأخوات»، قامت الجماهير بمحاصرة مبنى المحافظة، وأقاموا منصة يلقون من عليها الخطب المطالبة بجلاء «الاحتلال الإخوانى». وفى البحيرة، انضم حزب النور السلفى للجماهير، التى أدى انفجار غضبها ضد تعيين أمين حزب الحرية والعدالة محافظاً إلى المواجهات التى أصيب فيها العشرات. وفى الغربية رفضت الجماهير دخول المحافظ الجديد القيادى بجماعة الإخوان إلى مكتبه، وأغلقوا أبواب المحافظة بالجنازير، وأدى تصدى شباب الإخوان لهم إلى إصابة الكثيرين، وحتى فى المحافظات التى لم يتم تعيين محافظين جدد بها، مثل الشرقية وكفر الشيخ، ثارت الجماهير ضد المحافظين الباقين بسبب انتمائهم للإخوان.
لكن يبدو أن ردود أفعال الجماهير لا تعنى الإخوان فى قليل أو كثير، لأن الجماهير لا مكان لها أصلاً فى تفكيرهم، فكل ما يعنيهم هو تمكين الجماعة من خلال تعيين أعضائها فى أكبر عدد ممكن من المواقع. والحقيقة أن ذلك كان من بين الأسباب التى عصفت بالنظام السابق، كما أن هذا الأسلوب ينم عن جهل بأصول الحكم الذى يعتمد أول ما يعتمد على التواصل مع الجماهير وليس تحديها وإشعال غضبها قبيل موقعة تستعد فيها الجماهير لثورة غضب عارمة ضد الإخوان وحكمهم.
المقــال الاصلي
إرسال تعليق