الجـــديد

عبدالله إسكندر يكتب : ما بين سيناء والشعانبي

Written By Unknown on الأربعاء | 31.7.13


لم يسبق للجيش التونسي، قبل حكم حركة «النهضة»، أن دفع هذا الثمن الباهظ وأن يقتل جنوده بمثل هذه الوحشية على أيدي الإرهابيين. كما لم يسبق للجيش المصري، قبل حكم جماعة «الإخوان المسلمين»، أن قدم هذا العدد الكبير من الضحايا بهجمات إرهابية. في الحال الأولى، تحصن الإرهابيون في جبل الشعانبي ذي الطبيعة الوعرة، على الحدود مع الجزائر، ليكون لهم ملاذاً آمناً من جهة، ومن جهة على اتصال مع بقية الجماعات الإسلامية المتشددة في بلدان المغرب وجوارها الأفريقي. وفي الحال الثانية، تجمع الإرهابيون في صحراء سيناء الحدودية مع إسرائيل وقطاع غزة. على نحو يجعل الجيش المصري غير قادر، بسبب اتفاقات كامب ديفيد، على دفع القوات الضرورية لملاحقة هؤلاء في التضاريس والجبال والكهوف في الصحراء المصرية الشاسعة من جهة، ومن جهة أخرى يجعل الأنفاق مع القطاع منافذ إمداد بشري وبالعتاد وكذلك منافذ إخلاء.
في هذا المعنى، يلعب كل من سيناء والشعانبي الدور نفسه بالنسبة للإرهابيين الذين يسعون إلى الاستفادة من الموقع الجغرافي لكليهما، وأيضاً من محدودية قدرة التدخل لدى القوات الحكومية في ملاحقتهم. مثل هذه الاستراتيجية اعتمدها الإرهابيون في كل الأماكن التي نشطوا فيها، ونجحوا في تشكيل ملاذاتهم وسيطروا عليها وحكموها. وطالت مدة هذه السيطرة في مقدار ما حصل تواطؤ من أجهزة مركزية أو رأت أطراف سياسية مصلحة لها في استمرار هذه البؤر.
وفي حين تمكن الجيش الجزائري أن يضع حداً للحرب المعممة في البلاد ويقضي على ملاذات الجماعات المسلحة، بعد «العشرية السوداء» في تسعينات القرن الماضي، ويتأسس حد أدنى من الاستقرار السياسي، لا يزال الجيش الباكستاني يخوض شبه حرب أهلية مع المتشددين المتحصنين في مناطق نفوذهم الحدودية، في ظل استمرار التخبط السياسي واتهامات للأجهزة الباكستانية.
ومع وصول الإسلاميين إلى الحكم في كل من تونس ومصر، بدأت تتشكل ملامح وضع مماثل، على رغم التفاصيل الكثيرة المتباينة، في إطار استراتيجية إقامة سلطة الإسلام السياسي. فكان لا بد من إعادة النظر في البنية الدستورية للبلاد، من أجل تمكين الإسلام السياسي من مفاصل الحكم وجعل احتمالات التناوب في أضيق الحدود الممكنة. وفي هذا الإطار كان استهداف مؤسسات المجتمع المدني كحامية للتعددية ومعبرة عن التنوع المجتمعي الذي يضمن التناوب، وكذلك الاستهداف غير المباشر للقوة الأساسية التي تشكل عصب النسيج الوطني، أي المؤسسة العسكرية والأمنية التي لن تعد موضع ثقة بعدما انتهى دورها بالنسبة إلى الإسلاميين فور ضمان الانتخابات. ولذلك، لجأت الجماعة في مصر و «النهضة» في تونس إلى تشكيل ميليشياتها الخاصة، بذريعة الدفاع عن الثورة، في حين أن الخطوة تهدف إلى التصدي إلى مناهضي الإسلاميين. وفي هذا الإطار جرت الاغتيالات على أيدي المتشددين وتحصل المواجهات في جبل الشعانبي في تونس، كما تحصل الاشتباكات في شوارع المدن المصرية والمواجهات المسلحة مع القوات النظامية في سيناء.
لقد سمعنا مراراً نفياً لأي علاقة بين الإسلام السياسي وبين الإرهابيين والمتشددين. لكن حتى لو تجاوزنا الجذور الأيديولوجية المشتركة التي أطلقها الأولون واجتهد فيها الآخرون، ثمة لقاء بين الجانبين في مكان ما يتبادلان فيه المصلحة السياسية على حساب القوى المجتمعية والمدنية وعلى حساب دولة القانون والتعددية.

المقال الاصلي

جلال عارف يكتب : آشتون.. وشرعية الإرهاب!!


إذا كانت مفوضة الشؤون الخارجية فى أوربا السيدة كاترين آشتون قد جاءت للقاهرة لمزيد من قراءة الواقع المصرى الذى تعرف أهميته لأوروبا والعالم.. فعلينا جميعا أن نساعدها فى أن تكون قراءتها صحيحة!
وإذا كانت السيدة آشتون قادمة -كما تقول- للتعبير عن رغبة أوروبا فى مساعدة مصر على عبور الفترة الانتقالية، فإن خير ما تقدمه هو أن تقول لأصدقائها من «الإخوان» إن القصة قد انتهت، وإن عليهم أن يخضعوا لإرادة الشعب، وإن أوروبا لا تستطيع أن تغالط الحقيقة أكثر من ذلك!!
أما إذا كانت السيدة آشتون تريد أن تستمر فى ممارسة الضغوط من أجل خروج آمن لقيادات الجماعة، أو فى الترويج لتسويات على حساب إرادة الشعب، فالإجابة لا بد أن تكون الرفض الصريح لأى تدخل فى شؤوننا الداخلية.
نعرف أننا نعانى -حتى الآن- من تقصير فى التعامل مع الرأى العالمى، ونعلم أن وسائل الإعلام فى أوروبا وأمريكا تتعرض لتأثير الأموال الهائلة التى تنفق لدعم «الإخوان» كما تتعرض للضغوط السياسية من دوائر الحكم الغربية التى راهنت على حكم الإخوان لبناء استراتيجيتها فى المنطقة، ولا تريد حتى الآن أن تصدق أن شعب مصر العظيم قد أسقط هذا الرهان الخائب!!
نعرف ذلك، ولكننا نعرف أيضا أن الحقيقة ليست غائبة عن حكومات أوروبا ولا عن الإدارة الأمريكية.
ونعرف أنهم -منذ اللحظة الأولى- يدركون جيدا حقيقة الأوضاع فى مصر.. يدركون -أولا- أن خروج الملايين من شعب مصر لإسقاط حكم «الإخوان» كان انتصارا للثورة، وكان إنقاذا لمصر من الحرب الأهلية. ويدركون -ثانيا- أن ما تشهده مصر الآن هو حرب حقيقية ضد الإرهاب، يخوضها شعب مصر وجيشها وأجهزة أمنها فى مواجهة جماعات الإرهاب التى تنتشر من سيناء وحتى رابعة!!
تأتى آشتون هذه المرة وأمامها مشهد لا تخطئه العين.. شعب مصر بأكمله يخرج للشارع فى 26 يوليو فى وجه العنف والإرهاب، بينما -على الطرف الآخر- يضرب الإرهاب فى سيناء، ويخطط زعماء رابعة لإراقة دماء العشرات من الضحايا ليضمنوا لأنفسهم الخروج الآمن، أو ليستجدوا التدخل الأجنبى فى شؤون بلادهم!!
تأتى آشتون هذه المرة وقد بدأت الحقائق تنكشف والأسرار تذاع. وأظن أن آشتون تعرف جيدا حقيقة ما يدور فى سيناء، وأنها لم تكن تنتظر التقارير الخطيرة التى كشفت بعض ما جرى فى واقعة المنصة، وفى مقدمتها تقرير المخابرات الأمريكية، وكلها تؤكد أن المظاهرة السلمية!! هى التى بدأت الاعتداء على الشرطة باستخدام الأسلحة الآلية ونصف الآلية والخرطوش، بل والقنابل اليدوية التى انفجرت بعيدا لحسن الحظ وإلا تضاعف عدد الضحايا!!
من جانبنا.. نحن ندرك جيدا أننا نخوض حربا (لن تكون سهلة) ضد الإرهاب، ونثق فى أننا سننتصر -بإذن الله- فيها والسؤال الذى ينبغى أن تقدم السيدة آشتون إجابة صريحة له هو: أين أوروبا من هذه المعركة؟
نعرف أن حكومات أوروبية تورطت مع الإدارة الأمريكية فى دعم وصول الإخوان، وأنها تخشى من حساب شعوبها على هذا الدعم الذى صب فى مصلحة الإرهاب، وأنها أيضا تشعر بالخيبة بعد أن سقط رهانها (ورهان الإدارة الأمريكية) على الإخوان فى تنفيذ مخططاتها للمنطقة.. لكن هذا كله لا يبرر أى موقف يتردد فى مساندة شعب مصر وهو يخوض معركته ضد الإرهاب.. أو يقف -فى الحقيقة- ضد شعب مصر حين يحاول أن يخترع لنا «إرهابا شرعيا» ويحاول جاهدا أن يعيد له الحياة بعد أن أسقطه الشعب فى 30 يونيو حين أنهى حكم الإخوان الفاشى.
كل المطلوب من السيدة آشتون أن تدرك أنه فى الصراع بين شعب مصر وجيشه من ناحية، وبين عصابات الإرهاب من ناحية أخرى، لم تعد توجد مساحة للمناورات.. أو الوساطة!!

المقــال الاصــلي

روزانا بومنصف تكتب : مصر تصدم الـ "لاقيادة" الامريكية

Written By Unknown on الثلاثاء | 30.7.13


كشفت التطورات المتسارعة في مصر خلال الاسابيع القليلة الماضية اكثر فاكثر غياب وجود رؤية واضحة واستراتيجية سياسية اميركية وفق ما ترى مصادر سياسية وديبلوماسية نظرا الى الارباك الذي احدثته هذه التطورات في السياسة الاميركية مجددا. الامر الذي ساهم في تعزيز ما يذهب اليه كثر من ان الارتباك الاميركي في الموضوع السوري لا يعود فقط الى غياب التوافق الاميركي الروسي على حل للازمة السورية بل الى غياب خريطة طريق واضحة تستند اليها الولايات المتحدة من اجل تقويم سياساتها والبناء على هذا الاساس. فالتحولات الاخيرة التي حصلت في مصر تعتبر تاريخية واستراتيجية وهي مربكة جدا من حيث طبيعتها وابعادها بحيث لا يمكن صياغة موقف بسهولة مما يجري وفق ما يظهر حتى الان في مواقف غالبية المجتمع الدولي. الا ان النظرة الى الولايات المتحدة في هذا الاطار تفترض انها ينبغي ان تكون على علم مسبق وتستطيع التأثير في مسار الامور نتيجة لطبيعة العلاقات التي تقيمها مع الدولة المصرية واركانها بحيث يصعب تصديق ان هناك ارتباكا حقيقيا تبعا للبعد المعقد الذي يكتسبه الوضع المصري. وهذه النظرة المتصلة بدور الولايات المتحدة متعددة الاسباب والبعض يتبناها من اجل توظيفها سلبا او ايجابا خصوصا ان واشنطن كان لها دور اساسي في تنحي الرئيس حسني مبارك وفتحت الابواب واسعة امام وصول الاسلام السياسي الى الحكم وابدت الاستعداد للتكيف والاستعداد للتعاون معه.
الا ان متصلين بمسؤولين في الادارة الاميركية ينقلون انطباعات تشي بغياب وجود رؤية واضحة للامور لجملة اسباب واعتبارات يرتبط بعضها بطبيعة الادارة الاميركية المحافظة اذا صح التعبير وفق ما بات معروفا عن السياسة الخارجية لهذه الادارة التي يقارنها كثر بادارة الرئيس جيمي كارترفي اواسط السبعينات بعد حرب فيتنام والتي حرصت على ازالة كل ما يتصل بالمرحلة السابقة والاثمان الانسانية التي دفعها الاميركيون هناك من خلال اعتماد الرئيس باراك اوباما على نهج الانسحاب الاميركي من مواقع الحروب في الخارج كالعراق وافغانستان بدلا من التورط او التدخل في حروب جديدة. فبات ينطبق على الادارة الاميركية انطباع اللاقيادة وليس فقط القيادة من الوراء او من الخلف كما حصل بالنسبة الى التعاون الغربي في ازمة ليبيا واطاحة معمر القذافي. والبعض الآخر من هذه الاعتبارات يتصل بتعقيدات المشهد المصري في ذاته كما بتعقيدات المشهد السوري بالنسبة الى المقاربة الاميركية للازمة في سوريا. اذ ان الولايات المتحدة وفق ما تقول هذه المصادر لم تستوعب كليا بعد مسار انطلاق الاسلام السياسي الذي صعد صعودا قياسيا قبل عام او اكثر بقليل مع وصول حكم الاخوان المسلمين الى مصر وفي تونس وتشكيلهم حزءا مهما من المعارضة السورية والتي حاولت ان تنسج معهم علاقات صلبة واستيعابية قوية لم تلبث ان ووجهت بتحول جذري مع مشهد الملايين من المصريين في الشارع واثارة التباس في مفهوم الديموقراطية واين يكون هذا المفهوم في نزول ملايين المواطنين في الشارع ام هو في صناديق الاقتراع. ولذلك كان الارتباك حقيقيا ولم تنته مفاعيله بعد نظرا الى ان المشهد المصري لم يكتمل بعد وهو في طور التطور مع انعكاسات هائلة في المنطقة على دول الخليج العربي وتركيا وسائر القوى الاسلامية في الدول العربية.
يضاف الى هذه العوامل ان المشهد المصري يتفاعل على ضوء مجموعة عناصر اخرى متداخلة مع مفاهيم الانقلاب والديموقراطية التي غلب الجدل في شأنها اخيرا وتتصل بمحاولة قراءة ما سيكون عليه وضع الاخوان المسلمين ليس في مصر وحدها بل في المنطقة ومصير الاسلام السياسي في ضوء ذلك. فضلا عن مفاهيم الارهاب والصراع السني الشيعي ومفاعيله المتوهجة في المنطقة الى جانب موضوع السلام مع اسرائيل والصراع الاميركي مع ايران. فهذه الاعتبارات تزيد من الحذر في انتظار اتضاح الرؤية علما ان المصادر لا تخفي تسجيل مشهد معاكس تعبر عنه ايران في هذه اللحظات الحساسة والمصيرية. فايران اظهرت خلال الاسبوعين الماضيين نشاطا وزخما يعتبر كثر انه يندرج في اطار محاولة توظيف ما حصل في مصر من اجل تسجيل نقاط لمصلحتها ولو لا يندرج في اطار الربح الاستراتيجي على كل النقاط. وهذا يظهر في محاولتها اللعب على الساحة الاسلامية وليس الاسلامية العربية وحدها تحديدا قياسا على جملة امور من بينها الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الايراني علي اكبر صالحي لتركيا التي تأذت كثيرا من اسقاط حكم الاخوان المسلمين في مصر ولم يخف مسؤولوها استياءهم الشديد القائم والمستمر حتى الان في ما قرأه سياسيون معنيون محاولة تقارب او التقاء مصالح مع تركيا او الاستفادة من لحظة الاستياء والغضب التركي نحو تنسيق اكبر في ملفات اخرى قد تكون سوريا احدها. يضاف الى ذلك الانخراط الايراني المتزايد والمستمر في الحرب الى جانب النظام في سوريا عبر "حزب الله" في شكل مباشر ومساعدة النظام على تسجيل مكاسب ميدانية نوعية واخيرا الالتفات مجددا في اتجاه محاولة استعادة حركة "حماس" الى الحضن الايراني في ضوء الضربة القاسية التي تلقتها الحركة من التحول السياسي في مصر ومن مستقبل علاقة مع نظام صاعد لا توحي بالتفاؤل.


المقال الاصلي

علاء الأسواني يكتب : ملاحظات صريحة على مسار الثورة

منذ فترة طويلة، لم أر المصريين سعداء كما رأيتهم يوم الجمعة الماضى. حالة من السعادة والتفاؤل بالمستقبل ربما لم يعرفها المصريون منذ يوم 11 فبراير 2011، عندما عرفوا بخبر تنحى مبارك عن الحكم. ملايين المصريين نزلوا إلى الشوارع فى كل أنحاء مصر ليفوضوا الفريق أول عبدالفتاح السيسى، قائد الجيش، لمقاومة الإرهاب، الذى يضرب مصر بشراسة وخسة فى سيناء ومعظم المدن المصرية. فرح المصريون لأنهم تخلصوا من حكم الإخوان، الذى كان كابوسا رهيبا عانوا منه على مدى عام. وفرحوا لأن الدولة المصرية عادت إلى العمل لأول مرة منذ ثورة يناير. اصطف الجميع: الجيش والشرطة والمواطنون لهدف واحد هو إقصاء الإخوان عن الحكم ومحاكمة قياداتهم على الجرائم التى ارتكبوها.. فرح المصريون لأنهم أحسوا بأن جيشهم يحميهم ضد جماعة فاشية إجرامية ظل مشايخها يتوعدون المصريين بالدم والقتل على مدى أسابيع، ما حدث فى مصر، نعيد ونكرر، لم يكن انقلابا عسكريا، وإنما موجة ثورية عظيمة قام بها الشعب وانحاز له الجيش فى موقف وطنى سيذكره التاريخ بإجلال. نكرر أيضا أن محمد مرسى فقد شرعيته منذ الإعلان الدستورى الذى وضع قراراته فوق القانون والدستور وحصن إرادته المنفردة ضد النظام القضائى، وقد فعل ذلك رئيس بيرو، ألبرتو فوجيمورى، عام 1992، فقطعت معظم دول العالم العلاقات مع بيرو، لأنهم اعتبروا أن الرئيس المنتخب قد قام بانقلاب رئاسى تحول بواسطته إلى ديكتاتور غير شرعى. مرسى كان فاقدا للشرعية قبل أن يوقع 22 مليون مصرى بسحب الثقة منه، وقبل أن ينزل ملايين المصريين لخلعه. لقد خرج ملايين المصريين بأعداد غير مسبوقة ثلاث مرات متوالية ليسحبوا ثقتهم من مرسى، ثم ليفوضوا جيشهم لكى يدافع عن مصر ضد الهجوم الإرهابى الذى تتعرض له. مع تقديرنا الكامل لموقف جيشنا العظيم قد يكون مفيدا أن نناقش الملاحظات التالية:
أولا: ما حدث فى 30 يونيو انتفاضة شعبية كبرى كانت بمثابة موجة جديدة لثورة 25 يناير. 30 يونيو ليست ثورة منفصلة عما سبقها، لأن الثورات لا تصنع كل عامين، كما أن مظاهرات اليوم الواحد (مهما كان حجمها كبيرا) لا يمكن أن تسمى ثورة. الثورة ليست لحظة خاطفة وعابرة، وإنما هى فترة ممتدة يسعى فيها الشعب لهدم النظام الفاسد القديم بالكامل ليبنى بدلا منه نظاما جديدا عادلا، الثورة مرحلة يعيد فيها المجتمع بناء ثقافته وسياسته ومنهجه الاقتصادى ورؤيته للعالم. الثورة تستغرق سنوات وربما عقودا حتى تحقق أهدافها وتبنى الدولة التى قامت من أجلها. ما حدث فى 30 يونيو- فى رأيى- هو الموجة الثالثة من الثورة المصرية. الموجة الأولى أدت إلى خلع مبارك ومحاكمته، والموجة الثانية استغرقت عاما ونصف العام قام خلالها شباب الثورة بالدفاع النبيل الباسل المستميت عن روح الثورة، وتعرضوا للتشويه المعنوى والسحل وفقء الأعين والقتل بالرصاص فى مذابح مدبرة عديدة يجب أن يحاسب عليها المجلس العسكرى السابق، سياسيا وجنائيا، ثم جاءت الموجة الثالثة للثورة فى 30 يونيو، عندما انتفض ملايين المصريين من أجل سحب الثقة من مرسى وخلع الإخوان من الحكم.. إن فهمنا لطبيعة العلاقة بين ثورة يناير وانتفاضة 30 يونيو شرط أساسى لكى ندرك ما يجب عمله حتى نحقق أهداف الثورة. لسنا هنا فى موقع المفاضلة بين الحدثين، لكن هناك محاولات دؤوبة لتقديم 30 يونيو باعتبارها الثورة الحقيقية واتهام ثورة يناير بأنها مؤامرة أمريكية- إخوانية ضد مبارك. هذه المغالطة هدفها إعادة تدوير نظام مبارك الفاسد الاستبدادى، وإعفاؤه من جرائمه، وإعداده لكى يعود إلى السلطة من جديد. ثورة يناير، التى علمت العالم كيف يناضل الشعب سلميا وينتصر على الاستبداد، ليست فى حاجة إلى دفاعنا، لكن علينا أن ننتبه حتى لا تسرق الثورة من جديد. لقد سرقها الإخوان مرة ويجب ألا يسرقها فلول نظام مبارك مرة أخرى. لقد ظهرت وجوه قبيحة طالما ارتبطت بنظام مبارك الفاسد وتصدرت المشهد من جديد، وراحت بكل وقاحة تتغنى بحكمة مبارك ووطنيته وفضائله المزعومة. هناك إشارات مقلقة حقا تنبئ بأن نظام مبارك يتأهب لاسترداد السلطة: تسربت أنباء عن عودة قانون الطوارئ الذى قامت الثورة لإلغائه، وتمت إعادة ضباط أمن الدولة المستبعدين إلى مناصبهم التى كانوا يشغلونها قبل الثورة. هؤلاء الجلادون الذين مارسوا التعذيب وأهانوا آدمية آلاف المصريين بدلا من محاكمتهم على جرائمهم تمت إعادتهم معززين مكرمين إلى مناصبهم، كأن ثورة لم تقم، وقيل فى تبرير هذا الإجراء المشين إن الدولة تحتاج إلى خبراتهم، ولا نعرف لهؤلاء الجلادين خبرات إلا فى التعذيب وهتك الأعراض والصعق بالكهرباء، فإذا كانت هذه هى الخبرات التى تحتاج إليها الحكومة الحالية (وفيها قامات وطنية وثورية كبرى) فلتعلن الحكومة بصراحة أنها عازمة على تعذيب المصريين من جديد، ولتعد الجلاد الأكبر حبيب العادلى إلى وزارة الداخلية، فهو أقدر من غيره على قمع المصريين. لقد تم خلع الإخوان عن الحكم بإرادة الشعب ودعم الجيش وانفتح أمام مصر الطريق إلى المستقبل، لكن الاتجاه لم يتحدد بوضوح حتى الآن. أمامنا اختياران: إما أن نسمح بعودة نظام مبارك إلى الحكم، وهو لايزال موجودا بكامل قوته لأن المجلس العسكرى السابق حافظ على وجوده وحافظ عليه الإخوان أيضا، بل وحاولوا التحالف معه. الاختيار الصحيح فى رأيى أن تضغط القوى الثورية فى اتجاه تحقيق أهداف الثورة، ولا تقبل بأى نوع من الحلول الوسط مع نظام مبارك. فى مصر الجديدة، التى تبنيها الثورة، لا مكان لمن نهبوا المصريين وقمعوهم وزوروا إرادتهم وعملوا خدما لجمال مبارك ووالدته.. لقد كان المجلس العسكرى السابق أول من استعمل لفظ الفلول. الفلول فى اللغة هو ما انفصل عن الشىء وتناثر منه كبرادة الحديد وشرر النار وفلول الجيش هى بقايا الجيش المنهزم. الفلول فى رأيى هم كل من اشترك فى نهب الشعب أو قمعه بواسطة نظام مبارك. الفيصل الوحيد هنا هو القانون. من تثبت ضده جرائم لا مكان له فى الدولة الجديدة، ومن تثبت براءته، مهما يكن انتماؤه السياسى، من حقه أن يمارس حقوقه السياسية كاملة.
ثانيا: لقد قامت ثورة يناير من أجل إقامة دولة القانون، من أجل منع الاعتقال العشوائى والقتل والتعذيب وإهدار كرامة المصريين، وقد تم اختيار يوم 25 يناير، عيد الشرطة، لإبراز رفض الثورة المصرية لممارسات الشرطة القمعية. لقد طلب الفريق السيسى تفويضا من الشعب لمواجهة الإرهاب فاستجاب له ملايين المصريين ونزلوا فى الشوارع لإعطائه التفويض الذى طلبه، لكننى أثق فى أن شعبنا الطيب وهو يعطى التفويض للفريق السيسى لم يكن يقصد به إطلاقا أى ممارسات قمعية أو قتل للأبرياء أو أى انتهاك لحقوق الإنسان. إن مصر الآن تقدم للعالم كله نموذجا فى النضال السلمى من أجل القيم الإنسانية: الحرية والعدل والمساواة. لا أذكر شعبا آخر غير المصريين استطاع أن يخلع بنضاله السلمى حاكمين مستبدين فى عامين متتاليين. إن مقاومة الإرهاب فى دولة القانون لا يجوز أبدا أن تتم بانتهاك حقوق الإنسان، لأنها عندئذ تفقد معناها وتتحول من مقاومة مشروعة إلى إرهاب يصارع إرهابا. من الإنصاف أن نذكر هنا أن مهمة الجيش وأجهزة الأمن صعبة فعلا، لأن الإخوان ليسوا حزبا سياسيا عاديا، وإنما هم طائفة دينية ضالة تستعمل مجموعات مسلحة إجرامية للاعتداء على الأبرياء والممتلكات، إن واجبنا الوطنى يلزمنا جميعا بدعم جيشنا بكل قوة فى حربه على الإرهاب، لكننى أطالب أجهزة الأمن بممارسة أقصى قدر من الشفافية والعدالة وضبط النفس وتحقيق كل شروط القانون قبل إطلاق النار حتى لا تتشوه الصورة الجميلة التى قدمها الشعب والجيش للعالم أجمع.
ثالثا: لقد ضاع الطريق من الثورة المصرية على مدى عامين وقد سنحت الآن فرصة ذهبية لإصلاح المسار بانتفاضة 30 يونيو وما تلاها. علينا إذن أن نتعلم من الأخطاء السابقة وألا نكررها وإلا سنقع فى نفس النتائج البائسة التى عانينا منها. ما معنى تعديل الدستور الباطل الركيك الذى انفرد الإخوان بكتابته بواسطة لجنة أبطلتها المحكمة الدستورية العليا؟! لماذا لم تتضمن خارطة الطريق كتابة دستور جديد يعبر عن تطلعات الشعب ويمثل إرادة المصريين جميعا بكل أطيافهم وتنوعهم؟! لا أفهم حتى الآن لماذا تخضع الحكومة الانتقالية لضغوط الجماعات السلفية طوال الوقت؟ ما علاقة السلفيين بالثورة أساسا، وهم الذين طالما حرموا الخروج على الحاكم؟ أرجو ألا تخضع الحكومة الانتقالية لابتزاز السلفيين كما خضع المجلس العسكرى السابق لابتزاز الإخوان، فأوصل البلاد إلى هذا الحضيض. يجب أن يتضمن الدستور الجديد منعا قاطعا لإنشاء الأحزاب على أساس دينى، لقد أخطأ المجلس العسكرى السابق وسمح بتكوين الأحزاب الدينية، فدفعت مصر كلها الثمن. فى الدولة المدنية الديمقراطية لا مكان لحزب يفرق بين المصريين على أساس الدين. ليس هذا منعا سياسيا للإخوان والسلفيين، فمن حقهم، ماداموا لم يرتكبوا جرائم، أن يؤسسوا ما شاءوا من أحزاب، على أن يكون أساسها مدنيا وألا تعتمد على فكرة التفويض الإلهى فى العمل السياسى. يجب أيضا منع الدعاية السياسية فى دور العبادة جميعا، على أن يطبق هذا القانون بحزم. لقد رأينا خلال الفترة الماضية كيف استعملت المساجد للتحريض على العنف واستعملها الإخوان من أجل تعذيب معارضيهم. قبل أن تجرى الانتخابات يجب أن يتضمن الدستور الجديد ضمانات حقيقية لعدم تزوير إرادة الشعب. ما قيمة أصوات الناخبين إذا كانت مشتراة بالمال أو بحقائب الزيت والسكر كما فعل الإخوان مرارا وتكرارا؟! ما قيمة أى انتخابات فى غياب شفافية التمويل، وهو مبدأ أساسى فى الديمقراطية؟! قبل أن نذهب إلى صناديق الاقتراع يجب أن نعرف بالضبط من ينفق على المرشحين ولماذا ينفق عليهم.
إن الشعب المصرى، خلال عام واحد، اكتشف، بفطرته المتحضرة، فشل مشروع الإسلام السياسى، فانتفض يوم 30 يونيو من أجل إزاحة الإخوان عن الحكم، وانحاز له جيشه العظيم. علينا الآن أن نبنى الدولة الجديدة على أسس عادلة ونظيفة حتى تتحقق أهداف الثورة التى مات من أجلها آلاف من خيرة شباب مصر. الثورة مستمرة حتى تحقق أهدافها بإذن الله.
الديمقراطية هى الحل.


المقــال الاصلي

سحر الجعارة تكتب :اسحبوا الجنسية من «القرضاوى»


يبدو أن زواج «المشايخ» من القاصرات، بعد أن يتجاوز أحدهم السادسة والثمانين سناً يصيبهم بـ«الهوس»، فلا يوقرون حتى القرآن الذى يحملونه فى صدروهم.. فيطلقون فتاوى قتل الأبرياء وسهام السباب والتخوين سعياً خلف دولة لا وجود لها إلا فى مخيلتهم.
لقد جاء الدكتور «يوسف القرضاوى» إلى مصر فى «جمعة قندهار» عقب ثورة 25 يناير، متصوراً أنه سيُنصب إماماً للأزهر الشريف، فهو «مُنظر» جماعة الإخوان المسلمين وأحد قياداتها.. والذى جعل الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين «مظلة» لجمع الثروات التى تمكن التنظيم الدولى للإخوان الآن من شن حربها الشرسة على الشعب المصرى.. وقتل الأبرياء لاستعاده رئيسهم الخائن.
«لا كهنوت فى الإسلام»، لكن الشيخ العجوز قرر العودة إلى عصور الظلام، ليوزع «صكوك الغفران» على المعتصمين فى «رابعة» و«النهضة».. ويدعو العرب للجهاد ضد شعب لم ينتمِ له يوماً.
جاء «القرضاوى» إلى مصر بجواز سفر دبلوماسى قطرى، بعد خطاب أمير قطر الجديد الشيخ «تميم» الذى قال فيه: (نحن كمسلمين نحترم التنوّع المذهبى، ونحترم كل الديانات فى بلداننا وخارجها، وكعرب نرفض تقسيم المجتمعات العربية على أساس طائفى ومذهبى).
و«القرضاوى» معروف بعدائه الشديد للشيعة وعاشق لنشر الفتنة المذهبية، لدرجة أنه قال: (لو بُعث محمد صلى الله عليه وسلم من جديد لوضع يده بيد الناتو).. آملاً فى تدخل الناتو للقضاء على العلويين فى سوريا!!. وكأن سيناريو دولة الخلافة التى سعى الإخوان لتأسيسها -برعاية تركية- كان تقسيم المنطقة إلى دويلات عرقية ودينية.. ومحاربة إيران بالنيابة عن أمريكا على الأراضى العربية.
باسم أى إسلام تتحدث يا دكتور، ورسولنا الكريم يقول: (لزوال الدنيا أهون على الله عز وجل من سفك دم مسلم بغير حق)، وأنت كل ما تدعو إليه هو الفتنة والاقتتال الأهلى، فداء لمشروع وهمى للجماعة، أسقطته الإرادة الشعبية فى الثلاثين من يونيو الماضى.
هل ضعف بصرك لدرجة لم تعد معها ترى المدافع التى تضرب مقار الشرطة وثكنات الجيش وأنابيب الغاز فى سيناء، فأين بصيرتك؟
ألا ترى قطع الطرق والنيران العشوائية التى تُطلق على الأبرياء، والقنابل المزروعة فى كل مكان.. ألا ترى جثث رجال الشرطة والجيش والمدنيين يتساقطون بيننا.. اتقِ الله.
الصحافة المصرية لا تكذب، بل جزيرتك القطرية هى الكاذبة، لقد تطاولت على الرئيس المؤقت للبلاد وعلى وزير الدفاع وشيخ الأزهر.. فبأى حق؟.. أنت لا تستحق أصلاً الجنسية المصرية.. ويجب أن تسحب منك فوراً.
نجلك الشاعر «عبدالرحمن» رد عليك وفند لك كل الأحداث، لكنك أصبحت لا ترى ولا تسمع إلا صوت أطماعك التى عاديت مصر طويلاً من أجلها.. كتب لك «عبدالرحمن»: (فى ميدان رابعة العدوية الآن مئات الآلاف من الشباب المخلص الطاهر، سيضعهم بعض أصحاب المصالح وتجار الدم فى معركة لا ناقة لهم فيها ولا جمل، فلا هى معركة وطنية، ولا هى معركة إسلامية، ولا هى معركة ضد عدو، ولا هى معركة يرجى فيها نصر، وكل من يدخلها مهزوم، إنهم ملايين المخلصين الذين سيلقى بهم فى الجحيم ثمناً لأطماع ثلة من الناس فى مزيد من السلطة والنفوذ).. فهل هو أيضاً كاذب؟
لقد فوضنا الشرطة والقوات المسلحة حتى لا تغرق مصر فى بحر دم كما تتمنى، والقضاء قادر على محاسبتك على استعداء الخارج على مصر، وإهاناتك لرموزنا الوطنية.
سقط القناع عن وجهك القبيح، أنت الآن محرض على القتل، تماماً مثل نجوم منصة «رابعة»، وعقوبة التحريض تعادل عقوبة القتل.. ونحن لا نصالح على الدم.

المقال الاصــلي

مكرم محمد أحمد يكتب : ماذا بعد التفويض؟!


رغم الخروج الجماهيرى الضخم فى السادس والعشرين من يوليو الماضى لتفويض الجيش سلطة حصار الإرهاب وتصفية منابعه واجتثاث جذوره، الذى فاق فى عظمته وحجمه يوم الخروج العظيم فى 30 يونيو، وتجاوزت تقديرات حضوره ثلاثين مليون نسمة على الأقل، لا يزال قادة جماعة الإخوان المسلمين يعيشون فى عالمهم الافتراضى، ويصرون على حالة الإنكار والغيبوبة التى تتلبسهم، يوهمون أنفسهم بأنهم يقتسمون الشارع المصرى، وأنهم لا يقلون حشداً رغم اختفاء تظاهراتهم فى معظم المحافظات، ويهددون بتقويض الأمن وإفساد استقرار البلاد وإشعال الحرب على الجيش وتفجير جرائم الإرهاب فى سيناء، ولا يريدون أن يتوقفوا عن شن غاراتهم الليلية على الطرق والمحاور يشلون حركة البلاد والعباد ويروعون المصريين، لكنهم يصطدمون بمقاومة شعبية جسورة تردهم على أعقابهم خاسرين، فى رمسيس وفوق كوبرى 6 أكتوبر والمنيب والطريق الدائرى وفى ميدان الجيزة وأخيراً فى شارع النصر، فلا يملكون سوى السباق بالصراخ والشكوى رغم أنهم المعتدون، ولو أنهم التزموا أماكن اعتصامهم لما حدث ما حدث، لكنهم يطلقون ميليشياتهم شبه العسكرية على الطرق والمحاور الحيوية بهدف أن تتحرش بالأمن والجيش ويقع صدام لا مفر منه، يسقط فيه العشرات من القتلى والجرحى، ويعطيهم فرصة أن يتقمصوا من جديد صورة الضحية رغم أنهم خططوا لهذا العنف الدامى!
وما من تفسير لحالة العناد والإنكار التى تتلبس قادة الجماعة سوى خوفهم من أن تكون أولى نتائج التفويض الذى منحته الغالبية العظمى من المصريين للجيش على مشهد من العالم أجمع تفكيك وإنهاء اعتصام رابعة العدوية والنهضة اللذين يشكلان دروعاً بشرية يختفى وسطها قادة الجماعة الذين يعرفون فى قرارة أنفسهم أن القضية تم حسمها يوم 30 يونيو، وأن عودة مرسى لحكم مصر أمر مستحيل مثل طلوع الشمس من الغرب، فى ظل الرفض الكامل من جانب غالبية المصريين الذين تغيرت مشاعرهم تجاه الجماعة، من التعاطف الشديد إلى الكراهية العميقة بسبب أخطائها القاتلة على امتداد عام من وجودها فى السلطة كشف كل سوءاتها، ابتداء من الرغبة فى الاستحواذ والسيطرة على كل مفاصل الدولة، إلى قسمة المجتمع وشق وحدته وتخريب كل محاولات الوفاق الوطنى، والتفريط الشديد فى أمن سيناء وإهدار أمن مصر القومى، إلى الحرب الضارية على كل مؤسسات الدولة وفى مقدمتها القضاء، فضلاً عن سوء الإدارة الذى أدخل البلاد فى سلسلة من الأزمات أوصلتها إلى حافة الإفلاس.. وأظن أن الجماعة تعرف جيداً أن صدامها مع الدولة ثلاث مرات سابقة على امتداد تاريخها (كان أولها فى عهد الملك فاروق خلال حكومة عبدالهادى، وكان ثانيها عام 54 عندما رفض عبدالناصر سيطرتهم على ثورة 23 يوليو وحاولوا قتله فى ميدان المنشية، وكان ثالثها فى عهد الرئيس السابق مبارك) انتهت جميعاً بخسارتها الفادحة! فماذا يكون الحال إن جاء صدامها الرابع مع الشعب المصرى ومع الدولة أيضاً، حيث تواجه الجماعة هذه المرة جبهة داخلية متماسكة يساندها الجيش والأمن وكل مؤسسات الدولة تدافع عن حق المصريين فى دولة مدنية قانونية ديمقراطية.
ولأن قادة الجماعة ابتداء من مرشدها د. بديع وأعضاء مكتب الإرشاد إلى القادة التنفيذيين، البلتاجى والعريان وحجازى وكل هؤلاء القبضايات الذين يتنافسون على إظهار الوجه القبيح لجماعة الإخوان، يعرفون أنهم سوف يخضعون أخيراً لسلطة القانون لارتكابهم جرائم جسيمة تصل إلى حد الخيانة، فإنهم لا يملكون الآن سوى أن يتحصنوا وراء حالة الإنكار والعناد التى تتلبسهم، وإظهار المزيد من التشدد والرفض المطلق لجهود المصالحة الوطنية، على أمل أن تتعرض مصر لضغوط دولية تفلح فى تطويع إرادتها، إذا كثر عدد ضحايا المواجهة من المدنيين! أو يبتلع القائمون على الأمر فى مصر الطعم رغم صحة مواقفهم، ويقبلون حلولاً وسطاً تمنح الجميع خروجاً آمنا وإعفاء كاملاً من المساءلة القانونية عن الجرائم التى ارتكبوها، الأمر الذى ترفضه غالبية المصريين الذين يشكلون الآن الجزء الأهم فى صناعة القرار السياسى، ويمنحون الشرعية الدستورية لكل السلطات القائمة ابتداء من الرئيس إلى الغفير.. ولهذا السبب تبدو قضية المصالحة الوطنية أكثر تعقيداً وعمقاً فى ظل الرفض الشعبى الشامل لأن تكون المصالحة مجرد حدث احتفالى يكتفى بتبويس اللحى وعفا الله عما سلف، وفى ظل إصرار الغالبية العظمى للشعب المصرى على تطبيق معايير العدالة الانتقالية التى تلزم الجانى الاعتراف بجريمته وإبداء الأسف والندم على ما فعل لعله يظفر بعفو شعبى.
وليس فى أدبيات جماعة الإخوان المسلمين، رغم فداحة أخطائها التاريخية، ما يشير إلى إمكان أن تعلن الجماعة أسفها عن الجرائم والأضرار التى ارتكبتها فى حق المصريين، ابتداء من جرائم الأربعينات التى ابتدعت العنف والاغتيال السياسى فى مصر منذ مقتل الخازندار، إلى جريمة تكفير المجتمع المصرى بأكمله واعتباره مجتمعاً جاهلياً بتأثير الفكر القطبى الذى لا يزال يسيطر على فكر الجماعة وشخوصها، إلى الجرائم العديدة التى ارتكبتها خلال وجودها فى السلطة خاصة فى سيناء، لأن الجماعة ربيت على الاستكبار والإنكار والمغالبة.. ومع ذلك ثمة شروط مهمة يتحتم أن تلتزم بها الدولة فى تعاملها مع الجماعة حفاظاً على ديمقراطية الدولة وإنسانيتها، لعل أولها عدم فض اعتصامات رابعة العدوية والنهضة بالقوة حرصاً على أرواح الجميع مهما طال وقت الاعتصام، ورفض كل أساليب العقاب الجماعى بما فى ذلك الاعتقالات العشوائية، وعدم ملاحقة شباب الجماعة ما لم يتورطوا فى سفك دماء مصرية عمداً، ورفض عقوبة العزل السياسى والإقصاء الجماعى، ومحاكمة جميع المتهمين أمام قاضيهم الطبيعى وتوفير كل ضمانات الدفاع، ورفض المحاكمات الاستثنائية والعسكرية إلا أن يكون مسرح الجريمة سيناء أو مناطق الحدود.
وما يجوز التساهل فيه من أجل نزع العنف من داخل معتصمى رابعة العدوية والنهضة الذين يتعرضون كل يوم لشحن نفسى مضلل ، يصور لهم كذباً أنهم يخوضون نضالاً من أجل الإسلام، لا يجوز التساهل معه فى كل ما يتعلق بجرائم الخيانة والغدر التى يرتكبها أصدقاء الجماعة فى سيناء، لأننا هنا إزاء حالة حرب فعلية تحكمها قوانين الحرب التى تجيز المحاكمات العسكرية الميدانية، صحيح أن القيادة واحدة للجبهتين، كما أكد البلتاجى مراراً وتكراراً، لكن تقويض قدرة الجيش والأمن على الدفاع عن أمن مصر القومى جريمة خيانة لا ينبغى التسامح بشأنها. أعرف أن كثيرين سوف يرون فى هذه الضمانات تزيُّداً لا مبرر له، لأن الجماعة لم تلتزم بأى من هذه المعايير خلال وجودها فى السلطة، لكن مصر الدولة ينبغى أن تلتزم قواعد الدولة المدنية القانونية وهى تخطو لأول مرة على طريق الديمقراطية الصحيحة بعد أن تحررت من كل قيودها، ولأن الدولة القانونية ترفض استبعاد أى فصيل أو فريق وطنى، وترفض حرمان مواطن من حقوقه المدنية والسياسية إلا أن يصدر بذلك حكم نهائى من القضاء، فإن أبواب المصالحة الوطنية ينبغى أن تكون مفتوحة على مصاريعها أمام كل الذين لا يحملون آثار دماء على أيديهم. وأظن أن من مسئولية جماعة الإخوان أمام الدولة المدنية القانونية أن تقبل بشروط العمل السياسى المعلنة، وتلتزم بكل القواعد التى تلتزم بها كل المؤسسات السياسية شأنها شأن أى حزب سياسى، تخضع موازناته لرقابة الجهاز المركزى للمحاسبات، ويكشف بشفافية كاملة عن مصادر تمويله فى الداخل والخارج، أما أن تبقى جماعة الإخوان لغزاً مغلقاً يصعب على الدولة مراجعته فأمر محير لا يقبله القانون، ولا يقبله تكافؤ الفرص بين جميع القوى السياسية.
لقد خاضت مصر حرباً منفردة على منظمات الإرهاب استمرت 18 عاماً، انتهت باندحار جماعاته على كافة المستويات لأنها لم تجد ملاذاً آمنا، ولم تستطع أن تكسب ود المصريين أو تعاطفهم، على العكس توحد المصريون فى جبهة وطنية أجمعت على رفض الإرهاب واجتثاث جذوره رغم اختلاف قوى عديدة مع نظام مبارك، كما انتهت هذه الحرب بتقويض شامل لأفكار الإرهاب التى غسل الجميع أيديهم منها، فى اعترافات موثقة ومنشورة لا يزال أبطالها أحياء يرزقون، أثبتت ضلال فهم هذه الجماعات لمعنى الجهاد، وسوء تفسيرهم لدعاوى الحسبة والاعتداء على الأقباط، وأسفهم البالغ لاغتيال الرئيس السادات. والواضح فى سيناء الآن أن كل القبائل تساند القوات المسلحة وترفض إعطاء هؤلاء الإرهابيين ملاذاً آمنا، وتشدد على تنظيف سيناء من كل بؤر الإرهاب وتقدم عوناً مهماً للقوات المسلحة يساعدها على سرعة الرد على جرائم الإرهابيين. ولهذه الأسباب سوف يندحر الإرهاب فى سيناء كما اندحر سابقاً فى الوادى والدلتا، ولن تطول معركته مع الجيش والشعب، وسوف تكشف الحقائق والوثائق التى لم تعلن بعد حجم التواطؤ المخيف بين قيادات الجماعة وتنظيمات الإرهاب فى سيناء.
وأظن أن المطلوب أخيراً من الرئاسة والقيادة أن تركز جهودها على الوضع الداخلى لمصر، لا يشغلها عنه أو يشتت انتباهها مناورات قوى الخارج التى تهدف فى الأغلب إلى إرباك الموقف المصرى من خلال الضغوط التى تمارسها والمطالب غير المعقولة التى تشترطها، والذرائع الخبيثة التى تبرر بها هذه المطالب، لأن المحك الأول والأخير هو مدى قدرة مصر على مواجهة أبعاد هذا التحدى فى إطار التزامها بدولة ديمقراطية قانونية لا تحجب حرية الرأى أو التعبير، ولا تصادر على حق أى فصيل سياسى فى أن يشارك، لكنها تصر على تطبيق القانون على الجميع.. وما من شك فى أن الموقف الدولى يتغير لصالح مصر كل ساعة وكل يوم، كما تغير الموقف الأمريكى، وإذا كانت إدارة أوباما قد اعترفت أخيراً بان جموع المصريين هى الفيصل والحكم وصاحبة القرار، يصبح القلق من مواقف الخارج ترفاً غير مطلوب لأن الأهم والمهم هو ما يجرى على أرض الواقع.

المقـــال الاصـلي

غسان شربل يكتب : «الإخوان» والخيط المقطوع


فاقت التطورات المصرية التوقعات. ولعلها فاجأت «الإخوان» وخصومهم معاً. وفاجأت الحكومات وأجهزة الاستخبارات والصحافيين وكل المتابعين. لم يتوقع أحد تدافع الأحداث بمثل هذه السرعة. فقد كانت مصر في عهد رئيس منتخب اعترف العالم بشرعيته وفتح له أبواب مراكز القرار في العواصم الكبرى. ثم أن الرئيس جاء من جماعة ولدت قبل ثمانية عقود ولا يمكن إنكار جذورها في المجتمع.
في أيار ( مايو) الماضي كان الفريق أحمد شفيق قاطعاً في إجاباته. قال إن محمد مرسي لن يكمل ولايته. وإن حكم «الإخوان» سيسقط سريعاً إما بانتخابات وإما بثورة شعبية لأنه مناقض لروح مصر. قال أيضاً إن أركان عهد مرسي سيحاكمون وتحدث عن الدور الذي لعبه «من جاؤوا عبر الأنفاق» في تحرير مرسي من سجنه كما وجه إليهم اتهامات أخرى بينها الضلوع في عمليات قتل إبان الثورة. كان شفيق يتحدث في منفاه الموقت في أبو ظبي. نشرت ما قاله لكنني اعتبرته كلام رجل مجروح خصوصاً أنه كان منافس مرسي في انتخابات الرئاسة.
لم يكن في استطاعة المعارضة المصرية إقناع ملايين المواطنين بالتدفق إلى الميادين والشوارع لو لم يساهم مرسي ومعه «الإخوان» في قطع الخيط الذي يفترض أن يبقى بين الرئيس والمواطن العادي الذي لا ينتمي إلى جماعته. لقد تجاهل مرسي المواطن غير الإخواني. لم يلتقط ولم يستمع ولم يبادر. سلوكه في ملفات الاقتصاد والأمن والقضاء عجل في قطع الخيط الذي يحمي الحاكم من أن يعود مندوباً لحزبه أو جماعته ويخسر بذلك صفة الرئيس الذي تتجاوز شرعيته الشرعية التي يمنحه إياها المرشد.
في المقابل يتعين على السلطة الجديدة أن تتذكر أن أنصار «الإخوان» هم جزء من الشعب. وأن عليها التحدث إليهم ومحاولة تبديد مخاوفهم وفتح أبواب المشاركة أمامهم على رغم مناخات المواجهة الحالية.
أخطر ما يمكن أن يرتكبه حاكم هو الاعتقاد أن نتائج صناديق الاقتراع تتيح له الرقص وحيداً مع حزبه وجماعته. وأن يصنف أي منتقد كعدو وأي معارض كخائن. الديموقراطية تفترض الاستماع والتحاور والإصغاء بعمق والتصحيح. ساهم سلوك مرسي في إطلاق المخاوف من التفرد و «الأخونة» وتغيير روح مصر والتلاعب بهويتها. اعتبر الرئيس أن شهادة حسن السلوك تأتي من «مكتب الإرشاد» وليس من شعور المواطنين أن الرئيس يمثلهم ويحاول تحسين ظروف حياتهم.
يمكن القول إن الجماعة ارتكبت سلسلة من الأخطاء. الأول خوض انتخابات الرئاسة من دون التبصر بأعباء إدارة بلد كمصر. الخطأ الثاني المساهمة في قطع الخيط سريعاً مع المواطن غير الإخواني ومن دون تحقيق أي إنجارات تجعل الرئيس عنواناً لمحاولة حل الأزمات بدلاً من أن يتحول وجوده في الحكم مصدراً للأزمات. وتواجه اليوم احتمال ارتكاب خطأ فادح بتفضيل المواجهة الدامية المفتوحة على التسليم بالخسارة مهما كانت قسوتها.
ما كان في استطاعة الفريق أول عبد الفتاح السيسي أن يفعل ما فعل لولا انقطاع الخيط بين «الإخوان» وغالبية المصريين. لهذا يجدر بالجماعة التفكير في مسؤوليتها عن سقوط مرسي. ويجدر بها أيضاً التفكير في الخروج من الأزمة من دون وقوع مصر في بحر من الدماء. وقصة الخيط المقطوع لا تعني «الإخوان» في مصر وحدها بل تعنيهم في أكثر من مكان.
خسر «الإخوان» موقعهم السابق بسبب الخيط المقطوع مع المواطن الذي لا ينتمي إلى معسكرهم. هذه الخسارة عرضتهم لشبه ثورة وشبه انقلاب. حاصر مرسي نفسه قبل أن يحاصره الجيش. لن تستطيع الجماعة الخروج من أزمتها الحالية إلا إذا قرأت ما حدث على هذا الأساس. المزيد من الجثث والدم قد يضعف مصر والسلطة الجديدة لكنه لن يعيد الجماعة إلى حيث كانت.
في المقابل على السلطة الجديدة أن تتعلم من تجربة «الإخوان». وأن قسوة الظروف لا تعفي من محاولة التحدث إلى جمهور «الإخوان» حتى ولو رفض الاستماع في المرحلة الأولى. وأن أي حزم تفرضه المرحلة لا بد أن يقترن بالتوجه الثابت نحو انتخابات نزيهة تعيد إنتاج مؤسسات جامعة في ظل دستور يتسع لكل المصريين.

المقــال الاصــلي

نوارة نجم تكتب : الشهيد عيسى عصام

Written By Unknown on الاثنين | 29.7.13

اتفقت الروايات على أن معتصمى رابعة العدوية فور سماعهم بأنباء عن قرب فض اعتصامهم وراعهم الملايين التى خرجت ضدهم مفوِّضين على فضِّهم، فخرجوا إلى طريق النصر يبنون سورا هناك، ظانين أن ذلك سوف يحمى الاعتصام، ويبعد عنه الاشتباكات، الكائنة لا محالة. بعد مناوشات بين الشرطة والمتظاهرين الذين خرجوا إلى شارع النصر، والتى كانت تقتصر على الغاز والحجارة، أصيب نقيب شرطة بطلق نارى فى الرأس، وهنا انطلقت تقتل انتقاما لضابطها. هناك شهادات تؤكد أن الإخوان كانوا مسلحين، لكن الإخوان بعد قتل ذلك النقيب، لم يقتلوا أحدا من الشرطة، وإن أصابوا عددا منها. ويقال إن أهالى منشية ناصر نزلوا لمساعدة الداخلية، وهناك قتلى منهم.
بين هؤلاء المتصارعين على السلطة، استشهد فنان الثورة: عيسى عصام، حيث ذهب للبحث عن والده المنتمى لجماعة الإخوان المسلمين.
وسأترككم مع شهادة، محمود على، أحد المقربين من الشهيد عيسى، وكان الشهيد عيسى يعتبره أباه الحقيقى، حيث إن الخلافات كانت قد نشبت بين الشهيد ووالده بسبب معارضة الشهيد للجماعة: «أول مكالمة كانت بينى وبينه كانت الساعة 2 ص وقالى أنا رايح أشوف أبويا عشان مابيردش على التليفون وقلتله لا ماتروحش، قلتله ارجع يا عيسى، الدنيا بهدلة عندك وأبوك أكيد مش سامع تليفونه قالى ماتخفش ما هى دى أبهات آخر زمان مبهدلنّا وراهم، قالى وأنا هابقى أكلمك اطمنك علىّ قلتله خلى بالك من نفسك وأنا هابقى أتابعك قفل السكة ثم عاود الاتصال بى من رقم آخر، قلى يا «ديد» أنا مش عارف أوصل لأبويا ومش عارف أعدى لأبويا قلتله ارجع يا عيسى أرجوك قالى أنا هاعمل ده هاروح خلاص يا «ديد» قلتله يلّا لما توصل ابقى كلمنى.. بس هو راح فى دنيا تانية ماينفعش يكلمنى منها بس أنا لسه مستنى، قالى أنا مروح قلتله ابقى كلمنى لما توصل بس هو روح لدنيا تانية بس أنا لسه مستنى إنه يكلمنى. وبعدها تليفونه اتقفل، بعد كده جالى تليفون 6 الصبح وحد بيكلمنى بيقولى إنت ليك حد كان فى رابعة إمبارح فقلتله آه لى كذا حد قالى طب فى حد، اللى معانا دلوقتى خد طلقة فى ظهره بس هو فى حالة خطيرة ومعهوش أى إثبات لشخصيته قلتله مواصفاته إيه، وطبعا أول حد جه فى دماغى عيسى لكنه قالى هو شاب فوق العشرين حمدت ربنا وقلت مش هو، قلتله على العموم هاشوف الناس، كلمت عيسى على تليفونه ماكنش بيرد وأنا لى أصدقاء من اللى كانوا معايا فى التنظيم كانوا هناك قلت يبقى حد منهم، المهم كلمنى تانى بعديها بشوية وقلى إنه هو توفى ابتديت أقلق أكتر وأنا الحاجة الوحيدة اللى متأكد منها إنى لى صاحب مات، وعرفت بعدها إنى عيسى هو اللى المقصود.
لما رُحنا المشرحة أبوه كان واقف عمال يقول للناس إنى ابنى كان واقف معايا فى الصفوف الأولى، وهو أصلا كان بيطرد ابنه عشان ماكنش عاوز يدخل الإخوان وعشان الرسم حرام.
أقسم بالله عيسى مش إخوان وأبوه اللى ادعى إنه كان معاه فى الصفوف الأولى وأخوه خده معاه مرتين رابعة بالعافية، وكان بيطرده من البيت.
ثم يضيف محمود:
عيسى ابنى وكنت ليه الأب اللى اختاروه لما أبوه كان يطرده كان بيجيلى كنت باعلمه يعنى إيه فلسفة ويعنى إيه سياسة. بس فى الحقيقة اكتشف إنى أنا اللى اتعلمت منه، اتعلمت منه إزاى تعيش إنسان وتموت إنسان بس أنا زعلان منه عشان مشى وسابنى. الحاجة الوحيدة اللى استغربتلها موقف أبوه اللى باع ابنه وتاجر بدمه عشان خاطر الجماعة ده ولاء ده ولا نطاعة؟
ثم يقول محمود محدثا عيسى:
عارف لما كنت بتقولى إنى أنا أب فاشل أنا فعلا أب فاشل عشان ماعرفتش أحافظ عليك.. إنت سبتلى شرخ ما تداويهوش الأيام.
إنت كنت ابتسامة الأمل، ماتت الابتسامة، والأمل من غيرك معدوم يا وجع قلبى عليك.
بس عارف والله أنا لسه عندى أمل لما انزل القهوة ألاقيك داخل علىّ وانت بتضحك وتقولى إنت أب فاشل على فكرة.
اللى عاوز يعزى فى عيسى إحنا هانعمل العزا بكرة فى شامبليون بعد العشا واحنا اللى هاناخذ عزاه عشان ماينفعش تعزى اللى قتله. حالة عيسى أشبه بكريستى والده مش راضى يورى التقرير لحد والأسوأ أنه كان بيكدب ويقول عيسى إخوان وكان فى الصف الأول.
لكن أكيد أكيد ولا جدال عيسى مات موتة رجال.
آخر كلمات الشهيد عيسى: اجعلنى كلمة اجعلنى رسمة تخفف جراحكم».

المقــال الاصــلي

حمدي عبد الرحيم يكتب : تفكيك أسطورة فهمى هويدى

عندما ولد محمود فهمى عبد الرازق هويدى ( نعرفه باسم فهمى هويدى ) كانت جماعة الشر ( نعرفها باسم جمعة الإخوان ) قد مضى على تأسيسها أكثر من عشر سنوات ، إذن عاصر الرجل صبا الجماعة وشبابها وفتوتها ثم هزيمتها المذلة فى يوم الشعب الخالد ( الثلاثون من يونيو من عامنا هذا 2013) .
وقد أجمع الذين أهتموا بحياة الرجل على أنه ولد لأسرة إخوانية ووصفوا أباه بالقيادى الإخوانى التى جرى اعتقاله كثيرا فى عهود مضت .
تلك النقطة تبدو محورية فى قراءة شخص وفكرالسيد فهمى هويدى ، الذى تصدق فيه مقولة :" إن المرء يشيب على ما شب عليه ".
كان الرجل وللحق ذكيا ( أو يعرف من أين تؤكل الكتف ) ولذا لم يتورط فى زمن الناصرية فى التشيع العلنى لفكر الجماعة بل ذهب إلى أحد مقاوميها الكبار ، رأى الرجل المدرب على الطعام الطيب أن يستظل بمظلة الاستاذ محمد حسنين هيكل الأهرامية ( ومن كانت الأهرام الهيكلية ظهره فلن يُضرب على بطنه ) عاش فهمى فى كنف هيكل ليؤسس لبدايات أسطورة الكاتب الإسلامى المعتدل الذى يتتلميذ على يد الكاتب الكبير القومى الوحدوى !!
ومن تحت جناح الأستاذ هيكل ذهب إلى جناح ظليل حنون ناعم طيب نقى ، ذهب مباشرة إلى الراحل الكريم أحمد بهاء الدين الذى مهد له السبل لكى يصل إلى مرتبة مدير تحرير مجلة العربى الكويتية ( متمتعا ببرد تهامة ومالها بعيدا عن حر نجد وفقرها )
هنا تم للرجل تأسيس الأسطورة التى للحق سيكابد من أجل اتمام بنيانها .
قرأ كثيرا وكتب كثيرا وسافر كثيرا ( ببركة مال العربى الكويتية ) وعندما استوت سفينته على الجودى بدأ يقصف العقل المصرى العربى بمهارة قل نظيرها .
من خلال أسفاره المتعددة عمل الرجل على توطيد مكانته بين أقرانه فى الوطن العربى والعالم الإسلامى ، فأطلق عليه بعضهم لقب المفكر الإسلامى ، كان اللقب أيامها مغريا وجديدا ولكنه لأنه رجل الخطوة خطوة لم يتورط فى الترحيب باللقب الطازج ، بل أذكر له أنه مرة استنكره ، وأما وقد افتضح أمره لدينا فنحن نقول الآن إن استنكاره لقب المفكر الإسلامى كان من ذلك الباب الذى تستنكر فيه الحسناء وصف أحدهم لها بالحسن ، ربما لأن حسنها يعجبها ولا تريد دليلا إضافيا عليه ، وربما لأنها تطمع فيما هو فوق الإشارة العابرة .
ترويجه لحكم الملالى
بدأالرجل قصفه للعقل والوجدان المصرى ومن ثمّ العربى بكتابه ( إيران من الداخل ) ، فى زمن نشر الكتاب 1988 كانت إيران من المحرمات فى ( الذهنية الحاكمة فى مصر ) عمد الرجل إلى تحلية تجربة حكم الملالى فى إيران ولم يناقش جوهرها الفاشى ولم يفضح قلبها المستبد باسم الدين والمحتكر للحديث باسم الله ، تقرأ الكتاب فتأخذك الدهشة من جبروت النصر الإيرانى على العدو !!
أى عدو وأى نصر ؟ لا يفصح الرجل . نعرف الآن أنه كان النصر على الثوار الحقيقيين الذين سرقت جماعة الخومينى ثورتهم على الشاه محمد على رضا بهلوى ، وهو الأمر الذى حاولته جماعة الشر التى ينتمى إليها فكر الرجل مع ثورتنا على نظام حكم مبارك .
تجربته فى الترويج لبضاعة حكم الملالى جلبت له نقيضين كان راضيا بهما النقيض الأول : جلبت له مزيدا من هالة الأسطورة فها هو كاتب مصرى عربى سنى يتعاطى بتعاطف واشفاق بل بتشجيع ومساندة مع تجربة حكم تتطرف فى تشيعها شيعية وتزعم أنها تنحدر من نبع آل البيت النبوى الشريف .
النقيض الثانى : جلبت له تجربته الإيرانية القيل والقال حول حدود ما هو صحفى وما هو استخباراتى ، نعم قال بذلك البعض ، بل إنهم ذهبوا إلى ضرورة تقصى حقائق صفقات كان رجلنا عرابها ، ظل هذا االاتهام ثرثرة على المقاهى بلا دليل يؤيده ، ولكنه أفلح ( أى هذا الاتهام ) فى جلب مزيد من الشهرة للرجل الأسطورة .
ومن إيران الفارسية التى يزعم حكامها إنهم من صفوة شيعة آل البيت إلى تركيا السنية العثمانية التى حاربت طويلا وكثيرا الدولة الصفوية الفارسية.
كم مدح الرجل تجربة حكم رجب طيب أردوخان ؟
كم هلل لها ؟
كم زيارة قام بها لتركيا ثم عاد ليقصفنا بالعدل التركى والتقدم التركى والإسلام التركى ، وكأن هذا الرجب لا يعتقل أكثر من ألف زميل صحفى ، وكأن طائرات هذا الرجب لا تغير يوم عيد الفطر على مواطنيها من الأكراد .
كيف يتنقل هذا الرجل بهذا اليسر بين كل تلك المتناقضات ؟
الله أعلى وأعلم .
لعبة الداخل
فى زمن رجل البلاستيك (نعرفه باسم محمد حسنى مبارك ) كان الرجل يكتب كغيره لم يكن أعمق من غيره ولم يكن أشجع من غيره ، فقط كان أذكى من غيره ( هذا إن قبلنا أن يكون الخداع نوعا من الذكاء ) ، كانت إدارة رجل البلاستيك ترتعش لأدنى معارضة خاصة فى منبر صاحب شهرة ومكانة مثل الأهرام ، أستغل رجلنا هذه الارتعاشة فعمد إلى نوع من الكتابة يتماس مع مشاكل حقيقة تعانيها البلاد ، لم نقرأ له يوما هدما فى قلب النظام ، لم نقرأ له يوما تبشيرا بسقوطه ، لم نقرأ له يوما تأكيدا على انحلاله ، فقط كنا نقرأ له ما هو شائع من مشاكل بداية من تردى التعليم ونهاية بمشاكل البطالة ، لم يذهب يوما إلى عمق الكارثة التى حاصرنا بها نظام حكم رجل البلاستيك .
ولقد قبلنا منه ذلك بحكم المثل الشعبى القائل :" الأعور بين العميان عمدة ".
ففى قلب التزييف الذى شهده حكم رجل البلاستيك كانت أدنى معارضة تفرح قلوبنا خاصة لو جاءت من كاتب له صيت وشهرة .
كانت بعض مقالاته تمنع من النشر فى الأهرام فتتلقفها جرائد هى خصم تاريخى لمشروع فهمى هويدى ( مثل العربى الناصرية ) وكان هو يعجب بتنوع مصارد نشره وتناقضها لكى يحكم بناء اسطورته التى أطعمها بكتابين له شهيرين ، هما ( مواطنون لا ذميون ) وهو كتاب موجه للداخل حرص فيه على انصاف المواطنيين غير المسلمين كما حرص فيه على تبنى خطاب يحق الحق ويبطل الباطل ( أين ذلك مما جرى لغير المسلمين تحت حكم جماعته ؟) أما الكتاب الثانى فكان ( طالبان .. جند الله فى المعركة الغلط ) حمل فيه حملة شعواء على حركة طالبان وفضح فيه تشددها الذى لا يستند إلى أى دليل دينى ، بل كتب مرة مقالا حكى فيه أن وزيرا من طالبان زاره فى بيته بالقاهرة وعندما حانت الصلاة أعتذر معالى الوزير الطالبانى عن تأدية الصلاة فى جماعة مع رجلنا ، ثم بعد قليل خرج معالى الوزير إلى حديقة المنزل وصلى منفردا !!
وعندما عاتبه الرجل قال الوزير :" لا أستطيع الصلاة فى غرفة بها أوثان " وكان يشير إلى تماثيل صغيرة من تلك التى نزين بها غرف مكاتبنا .
الآن نسأل :" هل لو كانت طالبان فرعا من جماعة الشر الإخوانية كان السيد فهمى سيفضح تشددها ؟" .
ثم جاءت الحقيقة
كان صبر أحرار مصرعلى بلاء رجل البلاستيك قد نفد ، فغادروا بيوتهم وهبطوا ميادين التحرير عاقدين العزم على إزاحة رجل البلاستيك وكامل نظامه من المشهد كله على كافة تنوعاته ، أيامها أحسب أن السيد هويدى قد تشمم رائحة الأمر وعرف أن جماعته سيكون لها نصيب الأسد من المغانم مع دفع أقل قدر ممكن من المغارم ، فأعلن عن مساندته لثورة الأحرار ، حتى إذ تم الأمر عاد لطينته الأولى مساندا لجماعته بالحق وبالباطل وقد ظهر ذلك جليا فى زمن اختلاف الأحرار مع القادة العسكريين الذين حكموا البلاد مناصفة مع جماعته ، كان السيد هويدى يناصر دائما أى إجراء يتخده العسكريون ضد الأحرار لأنه يعلم بأن الربح قادم لحجر جماعته ، أيامها نسى ما سطرته يمينه فى كتابه ( مواطنون لا ذميون ) فلم يشن حربه المعتادة على الذين قطعوا أذن مسيحى مصرى ، ولم يخاصم الذين طردوا المسيحيين من بيوتهم ، كان يراوغ كعادته محتميا بغلالة كلمات فضفاضة بينما الكنيسة الكبرى لدى المسيحيين تتعرض لهجوم وحشى تزهق فيه أرواح ( مواطنون لا ذميون ).
وعندما أنقسم ميدان التحرير بين شركاء الأمس ذهب يناصر جماعته حتى أنه كتب يوما عن مليونية كانت ضد قمع العسكريين للأحرار يصف المشهد بقوله :" لم يكن بالميدان أكثر من ثلاثة آلاف متظاهر !!!!!!!!)
وعندما سقطت التفاحة فى حجر مرساه ، سانده بلا حدود محتميا باسطورة الرجل الحكيم المنصف ، وكان أحيانا يراوغ كعادته من باب ذر الرماد فى الأعين فيعيب على مرساه الصلاة الجامعة على سجادة منفردة !!!!!!
وكان أحيانا يحافظ على شعرة معاوية بينه وبين الذين يطالعون مقالاته فيقول إنه نصح المرسى كثيرا ولكن لم يستمع لنصائحه .
حتى جاء يومنا الخالد ، الثلاثين من يونيو فاسقط فى يده وضاقت عليه الأرض بما رحبت ، هو لا يستطيع تأييد الأحرار المصريين كما لا يستطيع التخلى عن أفيونه فلجأ إلى التشكيك فى عدد الذين غادروا بيوتهم وهبطوا ميادين التحرير وشوارع الوطن منادين برحيل مرساه ، وكتب جازما متقمصا شخصية الموقع الشهير ( جوجل إيرث ) إن عدد المتظاهرين لم يكن أكثر من مليون متظاهر لا يمثلون شيئا يذكر قياسا على عدد الشعب .
ثم راح يرطن بكلام تحسبه عربى بينما هو من هوى الإخوان عن الفرق بين الانقلاب والثورة .
وما يزال الرجل يرطن متخفيا بمصداقية كانت صرحا من خيال وقصرا من رمال .. يرحمنا ويرحمه الله من هوى القلوب وأكاذيب النفس الأمارة بالسوء ، اللهم آمين .

طارق الحميد يكتب : مصر والتهور التركي مرة أخرى!

Written By Unknown on الأحد | 28.7.13

ليس الغريب ما تفعله قناة فضائية في مصر، بل إن الغريب هو الموقف، بل التهور التركي تجاه التطورات المصرية، فأنقرة تتعامل مع تطورات مصر وكأنها لبنان، وليس حتى سوريا، وآخر المواقف الصادرة من أنقرة هو موقف الرئيس التركي الذي يقول بأن الإفراج عن الرئيس المعزول مرسي من شأنه أن يؤدي إلى انفراجة بالأوضاع المصرية.
صحيح أن الرئيس التركي أظهر مواقف أكثر تعقل من مواقف رئيس الوزراء التركي، لكن الموقف التركي عموما تجاه مصر انفعالي وغير مقبول، خصوصا أن أنقرة لم تتنبه إلى أن ما يحدث بمصر هو تغيير حقيقي يقوده الرأي العام، وكل المؤسسات المصرية، وليس الجيش وحده، فالإخوان المسلمون بمصر باتوا جماعة معزولة، ومنبوذة، وليست هي بالجماعة المحظورة مثل ما كانت عليه في أيام حكم مبارك. الإخوان المسلمون هم ضحية فكرهم، ونهجهم، وليس في مصر وحدها، بل في تونس، وما يحدث اليوم هناك خير شاهد، والأمر نفسه ينطبق على إخوان ليبيا التي باتت تحرق مقراتهم هناك، وسط رفض شعبي كبير لهم.
الأتراك يعرفون جيدا، وأكثر من غيرهم، بأن الإخوان المسلمين في مصر، وتونس، وغيرهما من الدول العربية، قد حظوا بدعم دولي، وفتحت لهم أبواب الغرب، وبالتالي لا يمكن القول اليوم بأنهم يتعرضون لمؤامرة، بل هم ضحية نهجهم الخاطئ سياسيا، واقتصاديا، وأمنيا، وبالتالي فإنه من الغريب جدا أن تتخبط أنقرة، وتتهور، بهذا الشكل دفاعا عن الإخوان المسلمين، فهل تركيا دولة ذات مؤسسات، أم أنها تتصرف بمنطلق حزبي ضيق؟ ولا شك أن ردود الفعل التركية المتشنجة هي نتيجة سقوط المشروع الإخواني في كل المنطقة، كما أن الواضح هو أن إخوان تركيا منزعجون تماما من النموذج المصري خشية أن يتحرك الجيش التركي ضدهم، وكما فعل الجيش المصري ضد مرسي والإخوان، خصوصا أن الانقسام في تركيا حول سياسات الإخوان هناك حقيقي، وآخرها المظاهرات التي حدثت في ميدان تقسيم التركي.
وعليه، وأيا كان القلق التركي، إلا أن ذلك لا يبرر لأنقرة التصرف بتهور، وتشنج، ملحوظ تجاه مصر، ومحاولة فرض حلول خارجية على المصريين، فمصر ليست بالدولة الصغيرة، كما أن الموقف التركي لا يصب في مصلحة الدولة التركية ككل، ولا يخدم أيضا استقرار المنطقة، خصوصا أن ما حدث في مصر جاء نتيجة غضب شعبي حقيقي تجاه أخطاء الإخوان المسلمين، وبالتالي فلا يمكن أن يقف الأتراك هذا الموقف المعادي للدولة المصرية فقط من أجل نصرة حزب لا يمكن الدفاع عن نهجه الماضي، ولا عما يفعله الآن خصوصا إذا كانت تركيا تقدم نفسها للمنطقة، والمجتمع الدولي، كدولة مؤسسات، ودولة ديمقراطية، فلا العسكر يحكمون مصر، ولا ينوون ذلك، كما أن المصريين يطمحون لأن تكون دولتهم دولة مؤسسات، ونموذجا سياسيا، واقتصاديا ناجحا.
وعليه فمتى ينتبه الأتراك إلى أن الدول لا يمكن أن تتصرف كقناة فضائية، تمارس الصراخ والتهييج، في مصر؟

المقــال الاصــلي

سحر الموجي تكتب : أسئلة مصر الآن

 ربما يساعدنا تأمل الخريطة السياسية لمصر فى العامين ونصف الأخيرين فى طرح بعض الأسئلة، التى تتعلق بمسارات الحدث القريب. بعد خلع مبارك فى 2011 احتوى المشهد السياسى المصرى على أربع قوى: القوات المسلحة والمخابرات -الإخوان وقوى الإسلام السياسى- قوى سياسية كالأحزاب وبعض الشخصيات الفاعلة فى المجال السياسى- وأخيرا القوى الثورية بحركاتها وائتلافاتها وتحالفاتها المختلفة. وعلى مسافة من القوى الأربع كانت مؤسسات المجتمع التى لا تعمل بالسياسة تراقب ما يجرى، ومنها على سبيل المثال مؤسسة القضاء وجمعيات المجتمع المدنى وحقوق الإنسان والجمعيات التى اشتغلت على العدالة الانتقالية وإعادة هيكلة وزارة الداخلية وغيرها. وبدا واضحا من فبراير 2011 أن هناك قراراً علويا بدعم سلطة سياسية قائمة، يتشارك فيها الإخوان المسلمون والقوات المسلحة. أما السؤال فكان يتعلق بالعلاقة المحتملة بين تحالف السلطة هذه وبين القوى الأخرى على الساحة السياسية المصرية.
ما حدث فى العامين الأخيرين هو أن علاقة الشراكة بين القوات المسلحة والإخوان قد انتهت- كما هو معلوم- بعد أن لجأ الإخوان إلى سياسة الإقصاء الكامل للجميع- سواء كانوا قوى سياسية أو حركات ثورية أو مؤسسات وقوى المجتمع المدنى. ونتج عن سياسة الإقصاء هذه خللاً فى علاقة الشراكة بين القوات المسلحة والإخوان.
وظل الخلل يتسع مع عناد الإخوان وأخطائهم المتراكمة، حتى وصلنا إلى الثالث من يوليو. وتشهد اللحظة الحالية انقلاباً كاملاً للحال، فالقوة التى أقصت الجميع أصبحت أفعى لابد من قطع رأسها. وأصبح منطقيا بعد حالة الإقصاء الكامل على مدار العام الماضى أن تتكاتف جميع القوى السياسية والثورية ومؤسسات الدولة لإتمام المواجهة والقضاء على هذا العدو، ومن المهم فى هذه اللحظة أن نتساءل عن شكل علاقات القوى التى ستتولد فى الأيام القادمة: من سيتحالف مع من؟ هل سنشهد مثلا تشاركاً بين القوات المسلحة وقوى سياسية علمانية؟ هل سوف تختار القوات المسلحة أن تتشارك مع قوى مدنية تتبنى نفس سياسات الحزب الوطنى؟ هل يمكن أن تستأثر مؤسسة الجيش وحدها بالسلطة، وتسعى بالتالى إلى إيقاف تنامى الحراك السياسى داخل الأحزاب القائمة؟ هل يمكن للتيار الديمقراطى أن يؤسس اليوم تياراً سياسياً جديداً؟
لا أعتقد أن هناك من يستطيع تقديم إجابات حاسمة عن تلك الأسئلة. إن حراك الفترة القادمة فقط هو القادر على ذلك.
أظن أن علينا أن نحدد أسئلتنا بدقة، فأسئلة من نوعية ما إذا كان الجيش مؤسسة وطنية أم لا، أو ما إذا كان الإخوان عدوا أو لا، هى أسئلة لا تؤدى إلى شىء. أظن أن علينا -بعد انزياح الغمة- أن نفيق إلى أنفسنا وننشغل بأسئلة حقيقية حول بناء «دولة القانون»، وتدعيم «دولة مؤسسات» فى إطار نظام سياسى دستورى يحقق مطالب الاستقلال الوطنى والعدالة الاجتماعية والحريات.
تحيا مصر وتحيا ثورة مصر.

المقــال الاصلي

جهاد الخازن يكتب : تجربة إرهاب التسعينات

 الإخوان المسلمون يتحملون المسؤولية عن كل قتيل وجريح في تظاهرات يوم الجمعة، فالتظاهرات الشعبية ضدهم حسمت الموضوع بعد أن ثار عليهم الشعب المصري والسبب فشلهم على كل صعيد في حكم مصر. وهكذا فالأحداث التي انتهت بإطاحة محمد مرسي في الثالث من هذا الشهر ثورة شعبية ومفخرة مصرية وعربية وليست انقلاباً.
أرجو أن لا ندخل تجربة تسعينات القرن الماضي في مصر.
الإخوان المسلمون فشلوا في الحكم وسقطوا، فعادوا إلى الشارع لممارسة العنف وهو الأداة السياسية الوحيدة التي يتقنون ممارستها. وأرى أن العنف سيفشل ويرتد على أصحابه، كما حدث قبل عقدين.
قلت العنف ولم أقل الإرهاب، مع وجود هذا في سيناء حيث تمارسه جماعات خرجت من تحت عباءة الإخوان المسلمين أو تلتقي فكرياً معهم، والنتيجة أن الإرهابيين يقتلون رجال شرطة، أي أن إرهابيين يدعون أنهم من أهل السنّة والجماعة يقتلون رجال شرطة سنيّين. الكاسب الوحيد من الإرهاب في سيناء هو إسرائيل فلماذا تحارب والمسلمون يقتل بعضهم بعضاً؟
الإخوان المسلمون ليسوا في مصر وحدها، وإنما هم فكر له أنصار في كل بلد عربي، وأزعم أن الإخوان المسلمين العرب جميعاً سيدفعون ثمن أخطاء الجماعة في حكم مصر وجرائم أنصارها خارجه. وأكتفي بإلقاء عصابة من الإخوان ولدين من على سطح بناية، فقد رأيت الفيديو وقرأت في صحف غربية مقابلات مع أولاد كانوا على السطح نجوا من الموت على أيدي الإرهابيين.
كنت في أيام السلم الأهلي أترك مكتب «الحياة» في غاردن سيتي وأتجه نحو فندق سميراميس، ثم أعبر ميدان التحرير باتجاه مقر جامعة الدول العربية. كان ميدان التحرير قلب القاهرة النابض، وكنت أسعد برؤية الناس فيه وممارسة رياضة المغامرة بروحي في عبور شارع بين السيارات.
اليوم ميدان التحرير يشهد حوادث عنف جنسي ضد النساء، حتى أن جماعات حقوق الإنسان أصبحت تصدر إحصاءات شهرية عنها، وقرأت عن 19 حادث تحرش أو اغتصاب في كانون الثاني (يناير) ولم تهبط الحوادث عن تسعة أو عشرة في أي شهر لاحق. هذا يحدث في أم الدنيا؟
أحاول أن أتجنب أي إهانة أو إساءة وأنا أقارن بين القيادة المصرية اليوم وفي سنة محمد مرسي، واكتفي بالقول إن عدلي منصور، رئيس المحكمة الدستورية العليا الذي أصبح الرئيس الانتقالي، أكثر قدرة على إدارة شؤون البلد من سلفه، وأن حازم الببلاوي يتمتع بقدرة مماثلة، وأحترم محمد كامل عمرو الذي استقال من وزارة الخارجية مع وزراء آخرين، إلا أنني أرحب كثيراً بنبيل فهمي وزيراً للخارجية، فتاريخه الشخصي والوطني من أعلى مستوى، ويكفيني منه أنه ابن إسماعيل فهمي، ذلك الوزير الوطني الكبير، رحمه الله.
حكومة الببلاوي قادرة على إصلاح ما خرب حكم الإخوان والعون العربي على الطريق، إلا أن الجماعة تفضل استمرار الخراب، ولو كان ذلك يعني حرمان المواطن المصري من أبسط متطلبات حياته اليومية، فنجاح الحكم الانتقالي يزيد من تسليط الضوء على فشل الإخوان، وقد أعماهم جمع غنائم المعركة عن رؤية خصومهم يرصون صفوفهم من جديد ويسقطونهم من علٍ.
إذا كان محمد مرسي أول رئيس مدني وصل إلى الحكم عبر انتخابات ديموقراطية، فالرئيس القادم سيكون أيضاً مدنياً وعبر انتخابات ديموقراطية، وفي ظل دستور أفضل وتحت حكم القانون الذي حاولت الجماعة أخونته، ثم شكت من قضاة «فلول»، متجاوزة أن القضاء المصري دخل في مناوشات مع حسني مبارك قبل أن يخوض معارك مع الإخوان.
أخيراً، لا إدانة أوضح للإخوان المسلمين في مصر مما صدر عن مرشدهم محمد بديع الذي بلغت به الوقاحة والجهل أن يقول إن عزل محمد مرسي جرم يفوق هدم الكعبة حجراً حجراً. رئيس فاشل يُقارَن بالكعبة المشرفة؟ كلام محمد بديع يُظهر أن الجماعة للإخوان فقط وضد مصر وشعبها.
لو كانت قيادة الإخوان المسلمين قادرة على التفكير السليم لما هزمت نفسها في الحكم قبل أن يهزمها خصومها. ويبدو أن التفكير السليم لا يزال صعباً على الإخوان، فهم يمارسون التخريب على طريقة «عليّ وعلى أعدائي يا رب»، وينسون أن ضحية مثل هذه السياسة الخرقاء هو الشعب المصري الذي يزعمون أنهم منه وله.

المقال الاصلي

حسن نافعة يكتب : إما أن تحكم الجماعة الشعب أو تقتله

Written By Unknown on الخميس | 25.7.13


وُضعت الجماعة، بعد 30 يونيو، أمام خيارين لا ثالث لهما: خيار المراجعة، وخيار المواجهة. تبنى استراتيجية المراجعة معناه اعتراف الجماعة بأنها لم تحسن استثمار الفرصة التى أتيحت أمامها لإدارة شؤون الدولة والمجتمع بطريقة تساعد على تأسيس نظام ديمقراطى يتسع لمشاركة الجميع، وارتكبت، منذ ثورة يناير، أخطاء جسيمة هى التى تسببت فى احتقان سياسى ومجتمعى أدى فى النهاية إلى الإطاحة بالدكتور مرسى وعدم تمكينه من إنهاء فترة ولايته الأولى. ومن الطبيعى، فى سياق كهذا، أن تصبح المراجعة خطوة ضرورية لتحقيق مصالحة مجتمعية شاملة تُمَكِّن الجماعة من تصحيح ما وقعت فيه من أخطاء، ولضمان مشاركتها من جديد فى صنع المستقبل المصرى على أسس مقبولة من الجميع، أما تبنى استراتيجية المواجهة فمعناه أن الجماعة لا تعترف بارتكابها أى أخطاء، وتصر على أن ما جرى، يوم 3 يوليو، لم يكن سوى انقلاب عسكرى تم بموجبه الاستيلاء على السلطة والإطاحة بالشرعية الديمقراطية، ومن ثم فلا حل للأزمة الراهنة، من منظور الجماعة بالطبع، إلا بعودة الأمور إلى ما كانت عليه، أى بالإفراج عن مرسى وإعادته إلى كرسى الرئاسة، قبل البحث عن أى صيغة لتحقيق مصالحة وطنية، وفى حال عدم الاستجابة لهذه الشروط ترى الجماعة أنه لن يكون أمامها سوى حشد وتعبئة الجماهير والعمل بكل الوسائل الممكنة، بما فى ذلك اللجوء إلى العنف، إذا اقتضى الأمر، لإعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل 3 يوليو.
تشير تطورات الأوضاع إلى أن جماعة الإخوان رفضت استراتيجية المراجعة والمصالحة، وقررت اعتماد وتبنى استراتيجية المواجهة والعنف، بدليل إصرارها، ليس فقط على التعبئة والحشد لتنظيم المسيرات والاعتصامات فى كل مكان، وإنما على دفع الأمور كذلك فى اتجاه استخدام العنف والقيام بعمليات إرهابية، على غرار ما جرى أمام قسم شرطة المنصورة، مساء الثلاثاء الماضى، حيث تم زرع قنبلة وصفت بأنها متطورة راح ضحيتها أحد المواطنين وجُرح العشرات، ومن الواضح أنه إذا استمرت الأمور على هذا النحو فقد تتجه نحو صدام مروع يتعين على الجماعة أن تتحمل مسؤوليته وحدها.
للجماعة تاريخ طويل تأرجح بين الرغبة فى تحقيق الأهداف التى حددتها لنفسها بوسائل علنية سلمية ومشروعة، وبين الإصرار على تحقيق هذه الأهداف بكل الوسائل الممكنة، حتى لو تطلب ذلك اللجوء إلى العمل السرى المحرض على استخدام العنف. وفى هذا السياق، يجب أن يفهم قرار حسن البنا، مؤسس الجماعة، بالموافقة على إنشاء جهاز خاص داخل الجماعة للقيام بعمليات سرية، بما فى ذلك محاولات اغتيال فردية كان رئيس الوزراء المصرى محمود فهمى النقراشى من أول ضحاياها. ورغم أن المرشد العام وصف من قاموا بهذا العمل الإجرامى بأنهم «ليسوا إخواناً وليسوا مسلمين»، فإن الصدام الذى وقع بين جماعة الإخوان المسلمين، من ناحية، وجميع الأنظمة التى تعاقبت على حكم مصر، بعد ذلك، يدل على أن الجماعة لم تتخل أبدا عن استراتيجية المواجهة، وأصرت على تحقيق أهدافها الخاصة، وفى مقدمتها الوصول للسلطة، بكل الوسائل الممكنة حتى لو اضطرت لاستخدام العنف.
لقد أتيحت أمام الجماعة فرصة ثمينة، بعد ثورة يناير، للاندماج فى الجماعة الوطنية وقيادة البلاد نحو تأسيس نظام ديمقراطى يشارك فيه الجميع، وفق قواعد مقبولة تقوم على تكافؤ الفرص بين كل الفرقاء السياسيين، غير أن الجماعة أصرت على أن تحكم البلاد منفردة وعلى أن تستبعد كل الآخرين، بما فى ذلك حزب النور السلفى، واتهام كل من يخالفها فى الرأى بالكفر والإلحاد أو بالخروج على الإسلام، وكأنها الجماعة الوحيدة المخولة بالتعبير عن الإسلام الصحيح، حتى شيخ الأزهر نفسه لقبّه بعضهم، تهكماً وتحقيراً، بأنه «بابا الأزهر».
لم تكتف الجماعة بإهدار فرصة ثمينة أتيحت لها، بعد ثورة 25 يناير، بإخفاقها التام فى إدارة مرحلة انتقالية قادتها الجماعة من خلال أغلبيتها البرلمانية أولاً، ثم من خلال مرسى ثانياً، وإنما تصر الآن على دفع البلاد كلها نحو حرب أهلية وكأن لسان حالها يقول: «إما أن أحكمكم بالطريقة التى أريدها أو أقتلكم جميعا»، غير أننى على ثقة تامة من أن شعب مصر لن ينساق وراء فكرة المواجهة، وسيقاومها بكل الوسائل الممكنة، وأعتقد أن التحام الشعب وتوحده خلف جيش مصر العظيم، فى هذه اللحظة بالغة الخطورة، هو صمام الأمان لإجهاض دعوة خبيثة لإشعال حرب أهلية فى مصر وتدمير الدولة المصرية.

المقــال الأصــلي

هدى الحسيني تكتب : حتى لا تتحول سيناء إلى تورا بورا أخرى!


 من المؤكد أن سيناء ستكون الحدث المصري الأمني الأهم في الأسابيع المقبلة. وكأن هناك توافقا بين ما يقوم به الجهاديون من هجمات على القوى والمراكز الأمنية فيها، وما يدعو إليه قادة «الإخوان المسلمين» في القاهرة والمدن المصرية من مواصلة تحدي المؤسسة العسكرية.
تدفق الجهاديين وتهريب الأسلحة ازداد كثيرا في سنة حكم «الإخوان» من دون أي التفات من المؤسسة السياسية التي بدت الإطاحة بها كأنها الإشارة لبدء الهجمات في سيناء خصوصا في الجزء الشمالي منها. كشفت تقارير أمنية مصرية عن اعتقال عدد من الجهاديين في سيناء المرتبطين برمزي محمود موافي. ونقل الإعلام المصري عن مصادر أمنية أن مجموعة موافي كانت مسؤولة عن العديد من الهجمات في سيناء خلال العامين الماضيين. من بين المعتقلين أخيرا يمني وفلسطيني وجدت بحوزتهما خرائط وأجهزة كومبيوتر محمولة.
في أغسطس (آب) 2011 نقلت «سي إن إن» عن مسؤولين أمنيين مصريين أن موافي، الذي يعتقد بأنه خبير متفجرات، شوهد في العريش، وقيل في ذلك الوقت إن موافي، المولود عام 1952، يشرف على التدريب العسكري للعديد من الناس في سيناء بينهم «إرهابيون» من «التكفير والهجرة» و«الجيش الإسلامي الفلسطيني».
الرائد ياسر عطية من الأمن المصري أبلغ «سي إن إن» أن موافي الذي كان طبيب أسامة بن لادن والمعروف بين زملائه الجهاديين باسم «الكيميائي»، فر من سجن مشدد الحراسة في القاهرة في 30 يناير (كانون الثاني) 2011 فيما كان يقضي حكما مدى الحياة بسبب «قضية عسكرية».
موافي، الذي يعتقد بأنه قام بتصنيع الأسلحة الكيماوية لتنظيم «القاعدة»، كان ضالعا في تخطيط عملية اقتحام السجون التي هرب خلالها الرئيس المصري المعزول محمد مرسي مع عدد كبير من قادة «الإخوان».
القليل من المعلومات متوفر عن موافي، لكن بعض تقارير الصحافة المصرية ذكرت أنه في عام 1990 سافر موافي إلى مكة المكرمة للقاء بعض المصريين الذين أبلغوه حاجتهم إلى أطباء للعمل في أفغانستان. وحسب موافي، التقى بعد فترة أسامة بن لادن لينتهي به المطاف في بيشاور (باكستان)، ومن بعدها عبر إلى أفغانستان. وفي عام 2011 عندما ظهر في سيناء ذكر مسؤول مصري أن موافي أعد مختبرا لصنع المتفجرات في تورا بورا مع بن لادن.
الكشف في عام 2011 عن وجود موافي في سيناء كان لافتا، لأنه في ذلك الوقت وزعت في مساجد المنطقة نشرات تحمل اسم «تنظيم القاعدة في شبه جزيرة سيناء»، وساد اعتقاد بأن موافي هو أمير «القاعدة في سيناء».
بعد ذلك، وفي شهر ديسمبر (كانون الأول) 2011 أعلن «أنصار الجهاد في شبه جزيرة سيناء» وهو الجناح العسكري المفترض لتنظيم القاعدة، عن تشكيله في بيان وزع على المنتديات الجهادية، وجاء فيه: «(...) نرسل إليكم أخبارا جيدة عن ولادة جماعة (أنصار الجهاد في شبه جزيرة سيناء)، ونتعهد إلى الله سبحانه تعالى بأن نبذل قصارى جهدنا لمحاربة النظام الفاسد وأتباعه بين اليهود والأميركيين ومن حولهم». وأقسم البيان على الوفاء لـ«شهيد الأمة شيخنا أسامة بن لادن».
بعد شهر عن الإعلان عن نفسها، تعهدت مجموعة «أنصار الجهاد» بالولاء لزعيم «القاعدة» أيمن الظواهري وطلبت منه: «ارمنا حيث تشاء، لن نتخلى ولن نستسلم حتى تنزف آخر قطرة من دمنا».
الأسبوع الماضي، وأمام لجنة مجلس النواب للشؤون الخارجية - فرع الإرهاب، أدلى توماس جوسلين الكاتب الخبير بالمجموعات الإرهابية، بشهادة مطولة عن تنظيم القاعدة والمجموعات التابعة له. قال: «قادة (الجهاد الإسلامي المصري) يقودون (أنصار الشريعة) في مصر، وهؤلاء ظلوا مخلصين لأمير (القاعدة) أيمن الظواهري، وقد لعب محمد الظواهري شقيقه الأصغر دورا رئيسا في عمليات (أنصار الشريعة) في مصر».
المجموعات التي تطلق على نفسها «أنصار الشريعة» كلها معروفة بدعمها لمخططات «القاعدة».
قبل هجمات سبتمبر (أيلول) 2001، أنشأ أسامة بن لادن «اللواء العربي الـ55» ليمثل «القاعدة» في دعم طالبان في أفغانستان.
الغزو الأميركي لأفغانستان سحق ذلك اللواء، لكنه أعيد في وقت لاحق بوصفه جزءا من «جيش الظل». الآن كل المجموعات التابعة لـ«القاعدة» من الذين في شبه الجزيرة العربية، أو في العراق أو في بلدان المغرب أو في الصومال أو في سوريا أو في سيناء، أقسموا الولاء للقيادة العامة للتنظيم ولأيمن الظواهري.
في شهادته قال جوسلين: «يشارك الظواهري في كل شؤون التنظيم من الطروحات الاستراتيجية إلى وضع خطط الهجمات». وأضاف: «من المستحيل الكشف عن اتصالات التابعين مع القيادة العامة، لأن هذه البيانات غير متاحة للعالم الخارجي، لكن الظواهري هو زعيم التنظيم والتابعين يعترفون به زعيما لهم، حتى عندما لا يتفقون مع قراراته. لكنه على اتصال مع مرؤوسيه رغم تأخر وصول خطاباته بسبب المخاوف الأمنية. على سبيل المثال سجل اتصال الظواهري مع أحد أتباعه في مصر محمد جمال الكاشف في عامي 2011 و2012».
بدأ تنظيم القاعدة وضع الأساس لإبراز المجموعات التابعة له في بداية التسعينات، وحسب لجنة تفجيرات 2001، كان بن لادن يتصور نفسه رئيسا لحركة «الاتحاد الدولي للجهاد». أنشأ «جيش الشورى الإسلامي» ليكون بمثابة هيئة التنسيق للتحالف مع المجموعات الإرهابية. من أجل هذا الجيش ضم بن لادن مجموعات من بلدان عربية مثل مصر والأردن ولبنان والعراق وعمان والجزائر وتونس وليبيا والصومال وإريتريا.
انتهج بن لادن نمطا للتوسع عبر بناء التحالفات، وأرسى الأسس لشبكة إرهابية عالمية. وحسب تقرير اللجنة، سعى بن لادن ليكون تنظيم القاعدة طليعة حركة دينية تلهم المسلمين وغيرهم للانضمام إلى الجهاد والمساعدة في الدفاع وتنقية الإسلام بوسائل عنيفة. في النهاية اسم «القاعدة» يعني أن الأعضاء يتطلعون لبناء شبكة قوية متنوعة جغرافيا.
مسؤولون أمنيون أميركيون ذكروا سابقا أن الجماعات الإسلامية في سيناء حاولت تنظيم عمليات إرهابية مع مجموعات الجهاد السلفي في قطاع غزة. وحسب مقال نشرته «وول ستريت جورنال» في الثالث من ديسمبر (كانون الأول) 2012، فإن إعلان «أنصار الجهاد في شبه جزيرة سيناء» ولاءها لـ«القاعدة»، ضاعف من اهتمام الولايات المتحدة بأنشطة الحركات الجهادية السلفية في سيناء. في المقال، وكان محمد مرسي أصبح رئيسا لمصر، جاء: «هناك صعوبة في الحفاظ على وقف إطلاق النار بين غزة وإسرائيل، لأن آمال السلام طويل الأمد تعتمد على مصر وما إذا كانت لدى الحكومة الإسلامية فيها القوة أو الرغبة في السيطرة على الأسلحة التي تصل إلى سيناء أو عبرها».
الوضع في سيناء دفع كل الدول الغربية إلى عدم اعتبار الإطاحة بنظام «الإخوان» انقلابا عسكريا. ودخول قوات وأسلحة نوعية وطائرات هليكوبتر إلى سيناء دليل واضح على خطورة الوضع الذي تشعر به دول كثيرة. سيناء قد تصبح جاذبة لجهاديين يصلون من السودان ومن ليبيا. و«القاعدة» في ليبيا من بين أقوى التنظيمات، وفي السودان أقام بن لادن معقله الأول ووضع رؤيته المستقبلية، ثم هناك غزة وحماس و«الجهاد الإسلامي».
في نهاية شهادته قال جوسلين: «صحيح أن المجموعات التابعة لتنظيم القاعدة تخصص معظم مواردها لتخوض حرب عصابات ضد أعدائها المحليين من مسلمين وعلمانيين وليبراليين وديمقراطيين وموالين للأنظمة الشرعية. لكن إذا تعلمنا شيئا بعد تفجيرات 2001، فإن المكاسب التي تحققها (القاعدة) (هناك) يمكن وبسهولة أن تؤدي إلى تهديد الأميركيين (هنا). ومن المؤكد أن توسع تنظيم القاعدة في السنوات الأخيرة أدى إلى زيادة التهديدات ضد الأميركيين. كلنا يدرك أنه في حين أن شبكة (القاعدة) تقاتل من أجل السيطرة على الأرض (هناك)، تبقى تهديدا لكل الأميركيين (هنا)».
انطلاقا من هذا، تدرك القيادة العسكرية الحاكمة في مصر، حاجة إسرائيل والولايات المتحدة والغرب والعالم العربي لها. سيناء مشكلة، لكن غير مستعصية. هدف مصر الاستقرار والازدهار، وهدف مجموعات «القاعدة» في سيناء تحويلها ومصر إلى تورا بورا.
الخيار سهل بين الهدفين.

المقــال الاصــلي

ناجح إبراهيم يكتب :السلطة أم المجتمع.. أيهما أهم؟!

ضاعت منا السلطة، شئنا، أم أبينا، قبلنا، أم رفضنا.. وعلينا أن نحافظ على المجتمع، يحبنا، ونحبه، ويثق بنا، ونثق به.. فالكراسى تذهب، وتأتى.. ولكن المجتمع ورأيه العام هو الأهم والأبقى.. وهو الذى أتى بالإسلاميين إلى السلطة.. ويمكن أن يأتى بهم بعد ذلك.. ولا بد من مراعاة هذا الرأى العام كله مسلمين ومسيحيين.. ويساريين واشتراكيين وليبراليين وعوام وفلاحين وعمال.. كما فعل رسول الله (صلى الله عليه، وسلم)، حينما رفض قتل زعيم المنافقين ابن سلول مبررا ذلك بقوله: «حتى لا يقال إن محمدا يقتل أصحابه».. فاهتم بالرأى العام لغير المسلمين.. واهتم بسمعته لديهم ورأيهم فيه.. وعلينا أن نفصل بيننا وبين الذين يطلقون النار فى سيناء وغيرها على الجيش والشرطة، ونرفض أفعالهم.. حتى لو وقع علينا ظلم منهما.
الحركة الإسلامية تحتاج أن تصلح اليوم ما بينها وبين الناس والمجتمع من كافة الأطياف لا أن تدير معارك تكسير العظام بينها وبين مؤسسات الدولة.. فالمجتمع هو الرصيد الاستراتيجى للحركة الإسلامية، وسيعود إليها إذا راجعت مسيرتها، وصوبت الأخطاء الاستراتيجية التى وقعت فيها.
إذا تجاهلنا فقدنا للسلطة، وحاولنا إعادتها بالقوة، فسنخسر كل شىء.. وعلينا أن نعلم أن ضياع السلطة هذا مؤقت بتوقيت تصالحنا مرة أخرى مع المجتمع المصرى وتواضعنا له، وتواصلنا مع كل أطيافه وترك لهجة الاستعلاء والاستعداء التى غمرت خطاب البعض فى الفترة الأخيرة.. وأن ندرك أن السلطة والحكم لا يصنعان الدين.. خاصة إذا لم تستقر معانى الدين فى القلوب والنفوس والضمائر.
فالإسلام أكبر من كل كراسى السلطة.. والإسلام يأتى بأعظم الكراسى.. ولكن الكراسى لا تأتى بالإسلام.. ويمكن أن يتربع بعضنا على عرش السلطة، وينزل من عرش القلوب.. ويمكن أن نستقر فى قلوب الناس، وننال حبهم وثقتهم وتضحياتهم، دون أن يكون لنا أى منصب.. خاصة إذا استطعنا أن نقدم لهم أعظم النماذج الأخلاقية الزاهدة الورعة المتواضعة.. والإسلام فيه قوة ذاتية وديناميكية، فهو حى نابض فتى.. وهو يستطيع التعامل مع كل أصحاب الأفكار الأخرى والأديان المختلفة، ويظلهم بظله الرحيم الوارف.
ومشكلة الإسلام فيمن يقدمونه للناس.. فالإسلام تجارة رابحة يتولاها أحيانا تجار فاشلون، فتخسر.. والإسلام قضية عادلة يتولاها أحيانا محامون فاشلون، فتخسر تلك القضية العادلة.. دون أن يكون للإسلام ذنب فى ذلك.
وعلينا أن ندرك أن المشروع الحضارى الإسلامى أكبر من حكم أو مال أو وزارة يتبادلها القوم ما بين صالحين وفاسدين.. أو أكفاء وفاشلين.
وهو أكبر من كل أغراض الدنيا.. وهو الدين الوحيد الذى يمكن أن ينتشر بقوة وسرعة دون أن تسانده دولة أو عرش أو سلطان.. إنه يحتاج فقط إلى الحرية والعدل السياسى والاجتماعى، لأتباعه وللجميع.. وبعدها ينطلق الإسلام وحده بقوته الذاتية نحو الآفاق الرحبة.
فالمشروع الحضارى الإسلامى يسع المسلم والمسيحى واليهودى واليسارى والاشتراكى والليبرالى، لأنه يصدر القيم الحضارية الرائدة.. وهذا المشروع لم يسقط لا بموت النبى (صلى الله عليه، وسلم) أو الخلفاء الراشدين، ولم يزل بزوال دولة الخلافة أو الأموية أو العباسية أو الأيوبية.. ولا بموت أعظم قادة الإسلام.. إنه أكبر من الأشخاص والجماعات والدول.. إنه يسع المسيحى واليهودى برحمته وعدله، حتى إن لم يدخل فيه.. والمسلم بالدخول فيه.

المقــال الاصــلي

علي إبراهيم يكتب : لماذا غضب أردوغان؟

Written By Unknown on الثلاثاء | 23.7.13

في حديث قبل أعوام حول العلاقات المصرية - التركية، أطلق دبلوماسي دعابة حول الفرق بين الاثنين تستند إلى التاريخ الإسلامي للبلدين قائلا: الفرق أن واحدة؛ وهي مصر، تراثها في الحكم مملوكي، والثانية، وهي تركيا، تراثها عثماني، وبينهما تاريخ مشترك كانت النقطة الفارقة فيه تحول مصر من دولة مستقلة إلى ولاية عثمانية لمدة ثلاثة قرون بعد هزيمة آخر قادة المماليك طومانباي عام 1516 على يد السلطان سليم الأول، قبل أن يتمرد في التاريخ اللاحق محمد علي ويستقل بولاية مصر له ولسلالته التي استمرت حتى آخر ملوك مصر فاروق، ويسقط أتاتورك في تركيا النظام العثماني ويحولها إلى جمهورية عصرية.
بين البلدين كثير من التراث المشترك، وأيضا التباين في التركيبة المجتمعية والتجربة التاريخية الحديثة، وإن كان ذلك لا يصل إلى حد تناقض المصالح. وليس خافيا أن هناك إعجابا بين النخبة المصرية، وحتى على الصعيد الشعبي، بالمسيرة التركية، وتجربة الأردوغانية في إدخال الإسلام السياسي في لعبة الديمقراطية، والأهم النجاح الذي حققته الأردوغانية في المجال الاقتصادي بما جعل الاقتصاد التركي يصبح بين الاقتصادات الناشئة الكبرى ويحتل المرتبة رقم 17 (تقريبا) بين اقتصادات العالم، وتصبح تركيا عضوا في مجموعة العشرين للاقتصادات الأكبر في العالم.
وكان طبيعيا أن تهتم تركيا الأردوغانية بجوارها الجغرافي، خاصة على الصعيد الاقتصادي، بما لا يخل بجهودها المستمرة للالتحاق بالاتحاد الأوروبي، وتنبت أنقرة سياسة تصفير المشكلات، وهي فلسفة وزير خارجيتها داود أوغلو، وكانت أبرز ثمار ذلك العلاقات التي نسجت مع نظام بشار الأسد في سوريا قبل أن تبدأ موجة «الربيع العربي»، وسلسلة الاتفاقات التي وقعت، وفتحت الباب أمام انتعاش التجارة والاستثمارات مع المنطقة العربية.
لكن في بعض الأحيان السير في الشرق الأوسط أشبه بالحركة في رمال متحركة، فقد تفاقمت المشكلات مرة واحدة لتلغي حكاية التصفير هذه، وأصبحت تركيا بحكم الضرورة والجغرافيا لاعبا أساسيا في الأزمة السورية، وقبلها في ليبيا، ودخلت الصراع بقوة بوصفها طرفا إقليميا وبرغبة من الأطراف الإقليمية الأخرى التي رأت أن ذلك عنصر توازن إيجابي.
في مصر كان الوضع مختلفا بحكم أن تفاعلات ما حدث في «25 يناير» وما بعدها كانت في معظمها، رغم العنف الذي تخللها في بعض الأحيان، نتاج تفاعلات داخلية، فضلا عن الحساسية المعروفة لدى المصريين من أي تدخلات خارجية في شؤونهم.. لكن دخول «الإخوان» على خط الحكم ووصول رئيس منهم إلى كرسي الرئاسة وضع العلاقات في وضع مختلف بحكم خلفية التيارين الحاكمين في التيار الإسلامي، وهو ما فتح الباب لكثير من التنظيرات لا يوجد ما يجزم بصحتها حول تحالف جديد شرق أوسطي يستند إلى أسس عقائدية.
في هذه الإطار، فسر كثيرون غضب أردوغان بعد انتفاضة «30 يونيو (حزيران)» في مصر وتدخل الجيش لترجيحها لصالح الملايين الذي نزلوا الشوارع ليطالبوا بعزل الرئيس السابق محمد مرسي، وكتب محللون غربيون وعرب كثيرون أن تركيا الخاسر الأكبر بعد أن كانت تريد أن تنسج تحالفا إقليميا جديدا ذهب فيه البعض إلى تصوير أردوغان سلطانا عثمانيا جديدا يريد ولايات متحالفة معه في المنطقة، فكسرت مصر رهانه.
والحقيقة أن في هذا التصوير قدرا من الخيال؛ فلا تركيا القرن الواحد والعشرين تتحمل عثمانية جديدة، ولا المنطقة نفسها، ولا مصر بحجمها تصلح أو تقبل أن تكون تابعة لأحد، فضلا عن الحساسية الشعبية الشديدة لأي شبهات تدخل خارجي في شؤونها.
وقد يفسر رد الفعل التركي بعد سقوط مرسي الذي أخذ شكلا حادا غير مبرر بعصبية أردوغان نفسه، وطريقته الأوتوقراطية في بعض الأحيان في التعامل مع الأمور مثل تصلبه في قضية مشروع تطوير عقاري في إسطنبول مكان حديقة عامة كان يفترض أن يترك أمر قراره للبلدية ولا يتدخل فيه رئيس الوزراء.
أيضا قد يفسر رد فعل أردوغان الحاد غير المبرر سياسيا بطريقة فهم مشتركة بينه وبين الرئيس المعزول مرسي، للسياسة، وهي أنك عندما تفوز بصندوق الانتخابات، فإنه يحق لك أن تفعل ما تريد حتى موعد الجولة المقبلة، وقد كان هذا هو سبب سقوط مرسي بعدما فشل في التوصل إلى توافق مجتمعي حول قضايا يجب أن يكون عليها توافق. وهي حجة لا يزال «الإخوان» يتذرعون بها في رفض ما حدث رغم الملايين التي ملأت الشوارع وكان يصعب على الجيش أن يتجاهل رغبتها في التغيير، خاصة في مرحلة انتقالية لا يزال الناس فيها يتعلمون ممارسة العمل السياسي ووجدوا أنهم أساءوا الاختيار، أو خدعوا، وشعروا بالقلق من الأداء الفاشل، ومحاولة تغيير هوية الدولة ومؤسساتها.
المؤمل أن تكون عصبية أردوغان هذه مؤقتة؛ إذ يفترض أن تكون العلاقات المصرية - التركية أكبر من الأشخاص، وأن يكون هناك فهم أوضح لحجم وهوية كل طرف في هذه العلاقة وحقيقة الجغرافيا السياسية التي تحكم دوائر المصالح والسياسة الخارجية.

المقال الاصــلي

حازم صاغية يكتب : الحركات الجهادية ضد نفسها


أهم ما يفعله الجهاديون المسلحون، على تعدد ساحاتهم الوطنية وكثرة تنظيماتهم، وعلى تفاوت قوتهم، أنهم يعززون الوقائع الصلبة والاتجاهات القابلة لأن تسود في المجتمعات التي ينشطون فيها. وهذا في معزل عن الرأي، سلباً أو إيجاباً، في هذه الوقائع وتلك الاتجاهات الكثيرة.
لقد رأينا، في لبنان، عينة صغرى على ذلك في حالة الشيخ الصيداوي أحمد الأسير الذي أتاح لـ «حزب الله» مراكمة انتصار آخر وتثبيت واقع مفاده ترسيخ الهيمنة لسلاحه، وبالتالي تكريس «شرعيته» المفروضة بقوة الأمر الواقع. لا بل تمكن أحمد الأسير، بجميع قواه العقلية، من تمكين واقع زائف هو عادية التقاطع بين الشرعية الرسمية و «شرعية» حزب الله. لقد بات أمر كهذا يبدو عادياً لعدد أكبر من اللبنانيين!
على نطاق أوسع وأهم، دفعت الحركات الجهادية المنتشرة في شمال سورية وشرقها، والتي أحجمت قوى الثورة عن مواجهتها، في اتجاهين يصعب التقليل من صلابتهما ومن تجذرهما. فأولاً، ومن خلال إقدامها على اغتيال قادة عسكريين وتهديد آخرين في «الجيش السوري الحر»، قوت نزوع الحرب الأهلية لابتلاع الثورة وتحجيمها. وثانياً، ومن خلال صدامها العسكري بالمسلحين الأكراد في «حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي»، دفعت هذا النزوع إلى مرحلة متقدمة وُضع معها قيام دولة كردية في الشمال السوري على جدول أعمال المنطقة. وغني عن القول إن هاتين، أي الحرب الأهلية والدولة الكردية، وجهتان شعبيتان وموضوعيتان كائناً ما كان الرأي فيهما.
أما في مصر، فيتأدى عن أعمال القوى الجهادية، وهي ثفالة مصرية معطوفة على ثفالة فلسطينية وعلى ثفالة قَبَلية، تصليب النظام السياسي الجديد وتشديد قبضته العسكرية والأمنية المؤيَدة شعبياً. وهذا ما قد يسرع تبلور هذا النظام الذي لا يزال الكثير من التكهن يحف به وبطبيعته. لكن النتيجة الأخرى التي لا تقل أهمية، فمؤداها توطيد السلام المصري – الإسرائيلي الذي صاغته اتفاقيتا كامب ديفيد أواخر السبعينات. ولئن حمل هذا الخطر الجهادي الجيش الإسرائيلي على قبول العبور العسكري المصري إلى سيناء، بما يخالف الاتفاقيتين الأصليتين، فهذا إنما ينم عن مساحة الاشتراك العريض بين الجميع والجميع، لا بين المصريين والإسرائيليين فحسب، في مواجهة هذا الخطر.
فكيف أنه حتى حين لا يكون الخطر أكثر من فزاعة، يسهل على كل من يريد ذلك تحويل الفزاعة الجهادية خطراً!
واقع الحال أن ما من شيء يجمع بين هذه الحصائل المتنافرة، أي تكريس قوة «حزب الله» في لبنان وتكريس نزعة الحرب الأهلية والدولة الكردية في سورية وتكريس السلام المصري – الإسرائيلي، إلا كونها أضداداً للحركات الجهادية بدعواتها وبمصالحها المفترضة. غير أنها، وهذا قاسم مشترك آخر، أضداد تساهم تلك الحركات نفسها مساهمة نشطة في صناعتها وتغذيتها.
وهذا إنما يرقى إلى واحدة من علامات عبقريةٍ غير مسبوقة في السياسة إلا في بيئة الفِرَق العدمية التي تهجس، في آخر المطاف، بالموت والانتحار.

المقــال الاصــلي

أمل عبد العزيز الهزاني تكتب : سيناء.. وجراحة القلب المفتوح

Written By Unknown on الاثنين | 22.7.13

 لا أعتقد أن القيادي في جماعة الإخوان المسلمين محمد البلتاجي كان يعني ما يقول، حينما صرح بأن العنف الذي تتعرض له سيناء سيتوقف في الثانية التي يعود فيها الرئيس المعزول محمد مرسي إلى قصر الرئاسة. نظنها غضبة، أو زلة لسان، أو سوء تعبير، أو انفعال لحظة دفاع حماسية أصابته من جراء صدمة عزل الرئيس الإخواني خلال ساعات في مشهد شعبي يستحق أن يكون من عجائب السياسة في القرن الحالي. لأن ما يُفهم من ظاهر حديث السيد البلتاجي أن عجلة العنف في سيناء كانت تدار دائما من المقطم، وهذا اعتراف خطير يأذن بحرب أهلية بين المصريين.
سيناء قلب مصر الحساس، لأنها جغرافيا تحت الرقابة الدولية منذ حرب يونيو (حزيران) 1967، كما أنها نقطة عبور لتهريب البضائع والممنوعات والأسلحة والمسلحين من غزة، لكنها تحولت إلى مستوطنة للجماعات المسلحة في فترة انشغال الأجهزة الأمنية بأحداث ثورة يناير 2011، حينما فتحت السجون للمدانين من الإسلاميين المتطرفين؛ المصريين والفلسطينيين واللبنانيين، وأعقب ذلك سماح إدارة الرئيس المعزول مرسي لقيادات جهادية بالعودة لمصر من المنافي والأوكار. هذه العناصر وإن اختلفت في أفكارها ومنهجها عن الفكر السياسي للإخوان المسلمين، إلا أنهم يجتمعون تحت مظلة واحدة، وهي أسلمة الغايات ووحدة الهدف.
الجيش المصري موجود حاليا في سيناء بعدة وعتاد لم تشهد المنطقة لها مثيلا منذ النكسة، هذا يشير إلى حجم المشكلة السيناوية وتقدير خطورة تعمق الفكر الإسلامي التكفيري أو الجهادي في جبال الصحراء الشاسعة. القوات المسلحة المصرية تستخدم السلاح البري والجوي في مواجهات عنيفة ضد فرق مسلحة قتل منهم العشرات خلال عشرة أيام بعد عزل مرسي. رد الفعل الشرس من هذه الميليشيات في هذا التوقيت يعكس خوفهم من العودة لنقطة البداية، أي التضييق عليهم وملاحقتهم والزج بهم في السجون، بعكس أسلوب المهادنة والتسوية والترضية الذي كانت تنتهجه إدارة الرئيس المعزول والذي شهده المصريون خلال أزمة خطف الجنود، قبل عدة أشهر.
الفراغ الأمني الذي تعيشه مصر منذ عامين بسبب تنازع السلطة واختلاف الأولويات أنجب هذا الوضع المأزوم في منطقة حساسة دوليا وإقليميا ومحليا، وخلال عام مضى، كانت الجماعات المسلحة تتحرك بمساحة حرية كافية لإدخال المزيد من العناصر الجهادية أو التكفيرية عبر آلاف الأنفاق التي تربطها بغزة، ومن خلال شحنات أسلحة مهربة من قناة السويس غربا ومن السودان جنوبا. عمليا، سيناء خلال عام واحد تحولت إلى بؤرة لتنظيمات تحمل آيديولوجيات متطرفة، بعضها لا يعترف بالدولة المدنية ويكفر الحاكم المدني. وكل المعالجات الأمنية والعسكرية التي كانت تتم خلال هذه الفترة لم تتجاوز كونها ردود فعل على عدوان المسلحين الذين يبتغون ابتزاز السلطة الإخوانية لمزيد من التنازلات والإفراج عن معتقليهم، أما اليوم، فمهمة الجيش المصري مختلفة؛ تطهير المنطقة أمر إلزامي، ومن المهم أن تتدخل فيه كل قوى الأمن والمجتمع، لأن المعركة مع الإرهاب معركة دولة وليس جهاز.
مصر دولة تواجه الإرهاب في سيناء، هذا عنوان عريض على المصريين أن يضعوه في أولوياتهم، أسوة بمشكلة الطاقة ونزاع الميادين. محاربة الإرهاب معركة ضروس بين الإنسان والشر، لا مجاملة فيها لأي طرف، ولا مهادنة ولا محاباة، فالأمن الوطني خط أحمر لا يتجاوزه حتى أقرب الأصدقاء.
الإرهابيون لا يرعوون عن استخدام كل وسيلة لتنفيذ عملياتهم. فمن أدبياتهم إباحة الحرام من أجل الغاية، لذلك لم يكن من الصادم لأجهزة الأمن المصرية حينما عثروا على طفلة في الخامسة من عمرها في سيارة لإرهابيين أطلقوا النار على قائد الجيش الثاني الميداني أثناء جولة تفقدية للمنطقة قبل أيام.. استخدام الأطفال في عرفهم مباح، طالما يحقق غايتهم في تزوير الواقع وإظهار القوى الأمنية المصرية بأنها تستهدف المدنيين، أو لجوؤهم للمساجد لإحراج القوات المسلحة، وإجبارها على الإحجام عن مهاجمتهم ولن تلام الأجهزة الأمنية على تعقبها للمجرمين، وإن احتموا بأستار الكعبة.
من الملاحظ أن أي دولة تواجه الإرهاب تعيش في جوار دولة رخوة أمنيا أو مصابة في أمنها، كاليمن بالنسبة للسعودية، وأفغانستان لباكستان، ومالي للجزائر، وغزة لسيناء، هذا يعني أن الإرهاب لا يحيا إلا بتغذية مستمرة ومنابع لا تنقطع، وهو ما حدا بالجيش المصري إلى إغلاق أكثر من ثلثي الأنفاق التي تربط سيناء بغزة خلال أسبوع واحد، بعد عزل الرئيس مرسي الذي قام قبل عدة أشهر بإغلاق بعض الأنفاق لأيام معدودة، بعد مقتل 16 جنديا مصريا في هجوم شنه مسلحون قرب الحدود مع غزة، لكنه عاد وتركها للمقاولين من جديد.
إحكام الحدود المصرية من كل جهاتها، خاصة سيناء التي يتسرب منها وإليها عبر الأنفاق مقاتلون وأسلحة من جماعات لا تجد رقابة كافية من الجانب الأمني في غزة، أمر يستدعي وجود أجهزة استخباراتية دائمة ومعدات رصد متقدمة لتأمين الحدود، والأهم هو توطيد العلاقة مع شيوخ القبائل في سيناء، لأنهم يقودون الكثافة السكانية في المنطقة، ولهم كلمة عليا على الأفراد، من خلال دعم المنطقة اقتصاديا والوقوف على احتياجاتهم الأولية.
من الواقع القول إن الوضع الأمني لمصر أصبح أكثر تعقيدا بعد عزل الرئيس مرسي، لأن المتطرفين ينازعون لبقائهم، ويتحينون الفرص لتثبيت أقدامهم. توافد المقاتلين الفلسطينيين والسوريين إلى مصر، وشحنات الأسلحة التي تصادر، تؤكد أن معركة مصر مع الإرهاب أخذت بعدا خطيرا، لكنها فترة تطهير مهمة ستتجاوزها الدولة المصرية الجديدة، لأنها لا تقف وحدها أمام هذه التحديات، فإلى جانبها اصطفاف شعبي كبير، ودول صديقة صادقة النية والعمل.

المقــال الاصـــلي

نوارة نجم تكتب : الانشغال بالانشغال

Written By Unknown on الأحد | 21.7.13


فى خضم انشغالنا باللوثة الجماعية التى أصابت جماعة الإخوان المسلمين والمشتملة على بطح أنفسهم علينا، والحديث على منصتهم بالإنجليزية المضحكة، مطالبين «العالم» بالتدخل لإنقاذ مرسيهم المنتظر، نسينا أننا على مشارف كتابة الدستور، ثم الانتخابات النيابية، ثم الرئاسية. والحقيقة أننا حتى الآن نحقق الهدف من اعتصام رابعة، وهو الانشغال بالانشغال عما يجب أن ننشغل به.
قامت حركة تمرد بتفعيل فكرة «اكتب دستورك»، على موقعها الإلكترونى، ورغم وجاهة الفكرة وجمالها، فإن حصرها على جمهور الشبكة العنكبوتية فيه ظلم كبير، أرى أن تقوم حملة تمرد بالنزول إلى الشارع وسؤال الناس عما يرغبون ويأملون أن يكون موجودا فى دستورهم، بالطبع سيكون الأمر أشق من مجرد جمع توقيعات بالرقم القومى، لكن الناس ستشعر أنها تشارك فى كتابة الدستور.
هناك سؤال آخر: هل أعددنا قوائمنا للانتخابات النيابية؟
على حد علمى، الحزب الوحيد الجاهز بقوائمه الآن لخوض الانتخابات النيابية هو حزب النور، تاااااااااانى، حنعيده تانى؟ لا يمكن أن نطرد الإسلام السياسى من الباب فيقفز إلينا من الشباك. الناس حقيقة لم تعد تطيق الحديث عن السياسة باسم الدين، بل لم تعد تطيق مظاهر التدين الزائفة من فرط ارتباطها بالأفاقين، لكنهم إذا لم يجدوا من ينتخبونه، سيقاطعون الانتخابات، ولن يصوت ساعتها إلا أنصار حزب النور الذى جهز قوائمه، وأعد أنصاره، وعقد صفقاته، وسنعود مرة أخرى إلى برلمان عمليات التجميل، وزواج القاصرات، وإلغاء الخلع، وزنق البنات فى العربيات على الصحراوى، وسباب المسيحيين، والتوعد بقتل الشيعة، والحديث عن مشكلات سوريا، ونسيان مشكلات مصر. وبما إن المستعدين الوحيدين لإجراء الانتخابات هم أصدقاء من ثار عليهم الشعب، فلا مانع من أن نجد تشريعات تسن خصيصا لإعادة الجماعة المحظورة شعبيا إلى مكانها الذى كانت عليه قبل الثورة عليها.
ينفع كده يعنى؟ هو إحنا كل ما نعمل ثورة تتسرق منا؟ لا نقفل البوك بتاعنا بقى ونحطه فى عبنا شوية.
علينا من الآن الانشغال بالقوائم الانتخابية لمجلس الشعب، وعلينا الاتفاق على الأسماء التى سيتم ترشيحها لمجلس الشعب، ودعمها بصرف النظر عن النفسنة الشخصية، هاه؟ واخد لى بالك أنت وهو؟ مش وقت نفسنة خالص دلوقت. ويجب أن تعد الأحزاب والتيارات المدنية قوائمها وتعلن عنها الآن حتى نتمكن نحن من المشاركة فى حشد الأصوات لصالحها. كما يجب أن لا يتكرر خطأ الانتخابات الرئاسية، فعلى القوى المدنية أن تطرح مرشحا واحدا فقط لا غير للانتخابات الرئاسية، وبرضه تانى مش وقت نفسنة و«اشمعنى أنا أتنازل له وهو ما يتنازليش».
هناك تنظيم دولى يشبه فى تكوينه وأفكاره وتشكيلاته ومناهجه، تنظيم المافيا، يستعين علينا بالولايات المتحدة الأمريكية التى ما زالت تقف حائرة (بصراحة أمريكا صعبت عليا.. دمرناها فى أفكارها)، يريد هذا التنظيم تعطيلنا ليبث النبض الاصطناعى لجثة قضيته الميتة، وليست هناك وسيلة لهزيمة هذه القوى الخائنة، التى تبين خيانتها للعالم أجمع، سواء اعترف أردوغان أم لم يعترف (هو كان هيلاقى ناس لقطة زى دول فين يخضعون له مصر ليحقق حلمه فى قيادة الشرق الأوسط على حساب مكانتنا وقيمتنا التاريخية)، سواء رضيت الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا أم لم ترضيا، سواء قبل الاتحاد الإفريقى الذى فرح بوجود «زبون» على رأس مصر أم لم يقبل، سوى استكمال عملنا، واستغراق المجتمع كله فى العملية السياسية والإسراع فى إنجاز مراحلها مهما أطلقوا من صرخات ترويع للمجتمع.. على فكرة هم مش النظرية خالص.
لن يرحل معتصمو رابعة بعد قراءة ورق ألقته القوات المسلحة فوق رؤوسهم، وبالطبع لن يقبل أحد أن يتم فض اعتصامهم بالقوة وأولهم كاتبة هذه السطور، لكن المعتصمين سيرحلون حين يعلمون أن مَن أخبرهم أن جبريل معهم فى الاعتصام كذاب أشر، وأن من أخبرهم أنه رأى الرسول يرقد بجوار مرسى يفترى على الله الكذب، وأن صفوت حجازى الذى أقسم بأن جاءته البشرى أن مرسى سيفطر فى القصر الجمهورى فى رمضان، يقسم كذبا للتلاعب بمشاعرهم وبث أمل زائف فى نفوسهم، لن يرحل معتصمو رابعة، الذى يعانى أغلبهم من انسداد فى الوعى يحول بينه وبين معرفة أن القيادات المطلوبة للعدالة تتمرتس به وهى تعلم أنها تخدعه، إلا حين يكتشفون، على أرض الواقع، وبشكل عملى، أنهم يعيشون خدعة كبيرة، غزلها لهم قياداتهم التى لا ترغب سوى فى أن تتخذ منهم دروعا بشرية حتى تنهى تفاوضاتها بشأن الخروج الآمن.

المقــال الاصــلي

جمال فهمي يكتب : مجاذيب «رابعة»

Written By Unknown on السبت | 20.7.13

أبدأ باعتذار صريح للمجاذيب الغلابة الأصليين، هؤلاء البؤساء الطيبين المسالمين الذين تراهم وهم هائمون على وجوههم بهلاهيلهم وثيابهم الرثة فى الساحات والطرقات المجاورة لمساجد ومقامات أولياء الله الصالحين. والاعتذار واجب لأن المجاذيب المعششين حاليا فى إشارة مرور «رابعة العدوية» بحى مدينة نصر، وإن كانوا يشاركون الطيبين الأصليين، أو ربما يتفوقون عليهم فى الهوس والهبل وفقدان العقل، إلا أنهم يخالفونهم بل ويتناقضون معهم فى كل شىء آخر.. إذ لا يمكن وصفهم مثلا بـ«الطيبة» والمسالمة، فالشر والسفالة والأذى الواصل حد الوحشية والإجرام المروع، هو أوضح وأهم ما يميزهم، أما الرثاثة والبؤس فهما عند مجاذيب مرسى وعصابته الفاشية المدحورة، حاضران وظاهران بقوة، غير أنهما لا يطالان الشكل والمظهر فحسب (عدا قادتهم المجرمين)، إنما يضربان بعمق فى الجوهر، ويصيبان العقول والضمائر والأخلاق والأرواح، فى مقتل.
وقد تشعر ولك كل الحق أن المجذوبين القاعدين على قلوب خلق الله فى هذه «البؤرة» التى تزداد عفنًا وقذارة يومًا بعد يوم، مساكين وقد يثيرون فى النفس شعورًا بالشفقة أكثر من مشاعر الغضب والقرف، لكنها مسكنة الذل والطمع وتشى بنوع نادر من الفساد والعطب الدماغى الذى تفاقم واستفحل بسبب الانحشار الطويل فى المغارات التنظيمية المظلمة، حتى أحدث تشوهًا مريعًا أصاب فطرتهم الإنسانية وعوج استواءها، أو سحقها وخربها تمامًا.
يعنى يا أخى، لا أنا ولا أنت ولا أى أحد فى هذه الدنيا الواسعة، سمع عن «مجاذيب» غلابة روعوا الناس وعذبوهم وقتلوهم ومثلوا بجثثهم على النحو الذى تتواتر وتتكشف وقائعه المشينة وأخباره المروعة هذه الأيام، فضلًا عن أنك أكيد لم تسمع بمجذوب جاهر علنا بكراهية الوطن (راجع شعار «طز فى مصر واللى جابوا مصر») واستقوى على بنى بلده بالكفيل الأمريكى وأتباعه وخدمه المخلصين (من تركيا إلى قطر) واستحضر من الجحيم شتى صنوف عصابات الخوارج وشذاذ الآفاق والإرهابيين وما تيسر من فرق القتل والتخريب الجوالة العابرة للأوطان والمتسكعة على عتبات كل أجهزة الاستخبارات.
باختصار، نحن أمام حالة «انجذاب» شريرة ونتنة تستوطن منطقة إشارة مرور «رابعة العدوية»، لكن شرورها وآثامها وعفنها يشع ويتسرب منها يوميا إلى طرقات وشوارع وساحات أخرى هنا وهناك فى صورة «عربدات ليلية» غالبا، بيد أن الصباحات وعندما تكون الشمس ساطعة وراقدة فى السماء، لا تخل من شرور يبثها مجاذيب أكثر أناقة وأشد أذى من عصابات مخابيل الشوارع.. أقصد تلك الحفنة التعبانة التى هى خليط من «صراصير بيضاء» مقرفة وعواجيز التنظير للفاشية ممن تركوا ضمائرهم فى العراء حتى جفت وماتت فأدمنوا المخاتلة والكذب على النفس والناس، هؤلاء لا ينامون فى الطل وعلى الأرصفة كما يفعل «الربعاويون» المساكين فى عقولهم، إنما ينامون الليل فى مخادعهم الدافئة الوثيرة، وفى الصباح يلوثون عقول الناس بأكاذيب هابطة وعبيطة يقذفونها يوميًّا من زوايا بعض الصحف، بغير كلل ولا ملل ولا مثقال ذرة من ضمير أو خجل.
هؤلاء المجاذيب المتأنقون رغم تهافتهم وتفاهتهم وثقل ظلهم الذى لا يحتمل، صاروا هذه الأيام أكبر منبع للمسخرة والنكت السخيفة، مثل تلك التى أنفق فيها أحدهم (أول من أمس) نحو «كيلو» من حبر المطابع، لكى يقنعنا أن ملايين المصريين الذين خرجوا يوم 30 يونيو إلى شوارع وساحات مصر من أقصاها إلى أدناها لكى يزيحوا كابوس «جماعة الشر»، ويكنسوا عارها وشنارها من على جبين الوطن، ليسوا ملايين ولا حاجة، إنما الملايين فعلا هم المحشورون حاليا فى إشارة مرور رابعة العدوية، دعمًا للفاشية والخراب المستعجل.. ربنا يشفى

المقــال الاصلي
اضف الى اضافتى Top Social Bookmarking Websites

كلوديا نزلت الاتحادية هيدي كلوم عارية بكاميرا والدتها صديق جيا شجعها علي الانتحار ! ميس حمدان في انتظار ابن الحلال سلمي تتعامل مع الشيخوخة بهدوء

الأكثر قراءة

للاشتراك في خدمة RSS Feed لمتابعة جديدنا اضغط هنا,او للاشتراك في خدمتنا البريدية
 
Support : Creating Website | Johny Template | Mas Template
copyright © 2013. التيار - All Rights Reserved
Template Created by IBaseSolutions Published by Ibasethemes
Proudly powered by Ibasethemes